
ترأس رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم رتبة الهجمة وصلاة السحر وقداس ليلة عيد الفصح المجيد في كاتدرائية سيدة النجاة بمشاركة الأب ادمون بخاش والشماس الياس خزاقة وبحضور حمهور كبير من المؤمنين.
وكان للمطران ابراهيم عظة هنأ فيها المؤمنين والمؤمنات بقيامة السيد المسيح وتطرق الى الإنتخابات البلدية في زحلة، ومما قال :
” أيها الأحبّاء.
في هذه الليلة المضيئة التي انتصر فيها النور على الظلام، والقيامة على الموت، نلتقي عند أقدام القبر الفارغ، حيث تحقّقت أعظم حقيقة في التاريخ: “لِمَاذَا تَطْلُبُونَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لَكِنَّهُ قَامَ” (لوقا ٢٤: ٥-٦).
القيامة ليست حدثًا من الماضي وحسب، بل هي واقع حيٌّ يغيّر التاريخ والإنسانية، ويجعل من الموت جسرًا إلى الحياة، ومن الألم معبرًا إلى المجد، ومن اليأس دعوة إلى الرجاء.
لقد بدا المشهد في الجمعة العظيمة وكأنّ الشر انتصر، وكأنّ الظلم قد أسدل ستاره على التاريخ، لكن الفجر أتى، والقبر الفارغ أعلن أنّ الشرّ لا يملك الكلمة الأخيرة. قيامة المسيح هي الشهادة الحيّة بأنّ الحقيقة لا تُدفن، وأنّ الإنسان مهما تألّم، فإنّ الله قادر على أن يقيمه من جديد. وكما يقول القديس غريغوريوس النيصي: “إن القيامة هي قلب الإيمان المسيحي، لأنها ليست فقط غلبة المسيح على الموت، بل هي دعوة لكل مؤمن ليقوم من ضعفه إلى النعمة.””
واضاف” نحن اليوم، في لبنان الجريح، نشعر وكأننا نعيش في ظلمة الجمعة العظيمة. الأزمات الاقتصادية، الهجرة، الفساد، وانعدام العدالة، كلّها تجعلنا نتساءل: أين نور الفصح؟ أين الرجاء؟
يقول الفيلسوف جاك ماريتان: “الدولة التي تهمل مكوناتها الروحية تحكم على نفسها بالزوال.” لبنان ليس مجرد نظام سياسي، بل رسالة، ورسالتنا كمسيحيين أن نكون “ملح الأرض” و”نور العالم” (متى ٥: ١٣-١٤). لكن الملح إن فسد، فبماذا يملّح؟ وإن أُطفئ النور، فكيف يرى الناس الحق؟
لكننا نؤمن أنّ لبنان، رغم جراحه، ليس قبرًا للمستقبل، بل أرض قيامة، طالما فيه رجال ونساء يؤمنون بأنّ “اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُقِيمَ الْمَوْتَى” (عبرانيين ١١: ١٩). نحنُ نؤمن أن لبنان دخل في عهد جديد نتمنى أن يكون عهد إعادة بناء الدولة والمؤسسات على أسس صلبة تضمن حقوق جميع اللبنانيين.”
وعن الإنتخابات البلدية قال المطران ابراهيم ” وفي ظل الظروف الدقيقة التي تمرّ بها البلاد، تصبح الانتخابات البلدية في زحلة أكثر من مجرد استحقاق ديموقراطي؛ إنها فرصة لترسيخ قيم الشراكة والتلاقي، وتغليب المصلحة العامة على المصالح الفئوية الضيّقة. من هنا، تبرز أهمية التوافق كخيار وطني وإنمائي يُجسّد روح المسؤولية ويُحصّن النسيج الاجتماعي في هذه المدينة التاريخية.
زحلة، بعراقتها وتنوّعها، لا تحتمل مزيدًا من الانقسامات أو التجاذبات السياسية، بل تحتاج إلى مجلس بلدي موحّد، نابع من إرادة جامعة، قادر على النهوض بالتحديات الإنمائية والاقتصادية، وعلى وضع خطة مستدامة تخدم جميع أبناء المدينة، دون استثناء أو تمييز.”
واضاف” التوافق لا يعني التنازل عن المبادئ، بل هو تعبير ناضج عن وعي جماعي يسعى إلى الحفاظ على السلم الأهلي، ويعكس روح التآلف التي ميّزت زحلة في المحطات المفصلية من تاريخها. إنه السبيل الأنجع لتفادي صراعات عبثية، ولضمان استمرارية العمل البلدي بكفاءة وشفافية، في خدمة الإنسان الزحلاوي أولًا وأخيرًا. الانتخابات مهمة، لكن الأهم هو ما بعد الانتخابات. “The day after
وختم سيادته ” أيها الإخوة، إن القيامة ليست فقط احتفالًا طقسيًا، بل التزامًا بأن نحمل رسالة المسيح في واقعنا اليومي. فلنتابع مسيرتنا بإيمان راسخ، ولنتذكر قول الرب: “فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ” (يوحنا ١٦: ٣٣).
اليوم، نقولها بكلّ رجاء: المسيح قام! فليقم لبنان! فليقُم العدل! فليقُم الرجاء!
ولتكن القيامة بداية جديدة لكل قلب منكسر، ونورًا لكل درب معتم، وسلامًا لكل بيت تعب من العواصف.
نتمنّى لكم ولعائلاتكم عيدًا مباركًا، مفعمًا بالفرح، مترعًا بالرجاء، ومزهرًا بالإيمان.
كل فصح وأنتم بالقيامة مغمورون، وبنعمة الرب منصورون.
المسيح قام! حقًّا قام!”