شدد وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى على “اننا في اوج معركة تستهدف وجودنا وكرامتنا، وعلينا الاحتياط لها بقوة الوعي وقوة الوحدة وقوة الإرادة”.
وقال: “الشعب الذي يمتلك الوعي والوحدة، لن يكون له الا النصر حليفا”.
كلام الوزير المرتضى جاء خلال افتتاح مركز للعناية بالام والطفل، وافتتاح المكتبة الوطنية في منطقة جبل الريحان قضاء جزين وزيارة ل “جعيتا الثانية” مغارة الريحان، بحضور وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال ابن بلدة قيتولي الدكتور هكتور حجار ، النائب السابق ابراهيم عازار وحشد من رؤساء اتحادات البلديات ورؤساء البلديات والفاعليات.
بدأ وزير الثقافة كلامه بتحية الى “من ضحى من أبناء جبل الريحان ورفاق لهم ابرارا لاستعادة ما سلب منهم” وقال:”معالي الوزير الدكتور هكتور حجار، أيها الحفل الكريم لا يمكنك، وأنت الصاعد من بيروت في إتجاه هذا الجبل الأشم، الا أن تتأمل في ثابتة مفادها أن هذه الارض كانت في وقت من الأوقات مسلوبة منا، وأنها لم تستعد الا بفعل تضحية من أبرار ميامين، هنا دمهم ضارب في الرياحين، أجسادهم تنهض من شهادتها باكرا في الصباح، تتأمل كيف تحررت الأرض، ذكراهم تتوضأ بحكايات البطولة، وشجر الصنوبر يلوح لهم بأكواز الوفاء، لأن كل واحد منهم ولد من أم حرة ليكون ولدا لأمة حرة. هنا على جبل الريحان كانت ترتفع قامات الأشجار لتعانق الضوء الطالع من أهداب الساهرين على الزناد، وكانت النسائم الجنوبية توقظ الخوف في مفاصل أعداء الإنسانية، وكان اليوم يروي لليوم الذي بعده أخبار الانتصارات، حتى أصبح الزمن الذي نحن مجتمعون فيه الآن، حقا صريحا لنا، ولأمهاتنا وأطفالنا، لمغتربينا والمقيمين، للبنانيين أجمعين، فلن يسلب منا بعد اليوم”.
وقال: “كان لا بد، أيها الأحبة، من هذه الوقفة الوجدانية أمام ذكريات البسالة والوطنية، التي حفظتها الأرض الجنوبية منذ نشوء الكيان المغتصب وتنامي حركة المقاومة لعدوانه. ذلك أنه من أبسط عناوين الوفاء أن نستذكر من ضحوا لنبقى، خصوصا ونحن في معرض مناسبة تتعلق بالأم رمز التضحية والطفل رمز الوفاء، من غير أن ننسى أن الأم عادة تضحي بكل شيء من أجل أولادها، أما الأم الجنوبية بخاصة فلم تتردد في التضحية بأولادها من أجل الوطن. ليس حب للأرض والحرية وإيمان بالحق أعظم من هذا العطاء النبيل”.
واذ اشار المرتضى الى التعاون بين القطاعين الرسمي والخاص وتقدم الثاني في بعض الاحيان: “لن أكرر المقولات التي تعرفونها عن أهمية العناية بالأم والطفل من أجل بناء المجتمع السليم. فلولا اعتقادكم الركين بهذا المبدأ الإنساني، لما كان من ضرورة على الأغلب لما نحن في صدده اليوم من نشاط. إنني أرغب فقط في أن ألقي بعضا من ضوء على صفة نتميز بها في لبنان، هي الانخراط المباشر لهيئات المجتمع المدني، بدعم سخي من المغتربين، في أعمال التنمية الاجتماعية بوجوهها كافة، بحيث دأب الأهلون على سد ثغرات العجز أو التقصير الرسميين في إدارة أوضاعهم وتطويرها. ذلك مرده إلى أصالة انتماء اللبنانيين إلى أرضهم وتراثهم ومستقبلهم، انتماء لا يتزعزع، وسعيهم إلى توطيده بكل ما يتاح لهم من قدرات. هكذا يتكامل الجهدان الرسمي والشعبي، وفي أحيان كثيرة يتقدم الثاني على الأول، من أجل حفظ سلامة المجتمع. ما ينقص هذه الجهود المباركة شيء من التنسيق الضروري، على الصعيد المحلي كما على الصعيد الوطني، لتكون ثمار العمل أوفر وتعم التنمية جميع المناطق والمجالات”.
واستطرد: “لكننا في مقابل هذا، نرى بعضا من الهيئات والجمعيات، وبالأخص منها ما يسمى المنظمات غير الحكومية (NGO)، التي يتم تمويلها من جهات ودول أجنبية، هذا البعض يتلطى خلف قناع النشاطات الاجتماعية والثقافية والحقوقية من أجل تنفيذ أجندة خارجية لا تمت إلى مصلحة الوطن والمواطنين بصلة”.
وأضاف: “هذا ينبغي التنبه له والحذر منه، لأننا في أوج معركة تستهدف وجودنا وكرامتنا، وعلينا الاحتياط لها بقوة الوعي وقوة الوحدة وقوة الإرادة. والشعب الذي يمتلك الوعي والوحدة والإرادة، لن يكون له إلا النصر حليفا”.
وتابع المرتضى متوجها إلى الجميع: “في هذه الأرض المباركة التي نحن واياك منها يا معالي الوزير، نعرف جيدا أن نميز بين القمح والزؤان، والجيد والفاسد. فلن تضيع لنا بوصلة انتماء إلى الحقيقة الوطنية الجامعة، وسنبقى نعمل معا شعبا ودولة من أجل بناء مجتمعنا القوي والدفاع عنه ضد كل الأطماع”.
كما لفت الى ان “ثمة انتصار في قاموس أهل الجنوب لم يقتصر على دحر الاحتلال وعلى اللبنانيين ان يستهدوا به: قلت في مناسبة سابقة أن الانتصار لدينا نحن اهل الجنوب لم يقتصر على دحر الاحتلال الإسرائيلي فإن ثمة إنتصارا أهم في قاموسنا وفي سجلنا يقتضي على اللبنانيين اينما كانوا أن يستهدوا به، هو الإنتصار على كل عوامل التفرقة والانقسام في مجتمع متمايز متعدد يضم مواطنين من أديان ومذاهب مختلفة، ومن طبقات اجتماعية متفاوتة، وانتماءات حزبية وعائلية متنوعة. إنه المثال الصالح والأنموذج الحي والصورة البهية عن الوطنية الحقة، وعن التنوع ضمن الوحدة، وعن ثقافة التمسك بالآخر والحرص عليه.”
وأردف: “هذا المجتمع، بل هذا المصهر الإنساني، أعطى الانتصار بعدا آخر، لأنه شكل النقيض الواضح للمفاهيم التي قام عليها الكيان المغتصب. فنحن المسلمين والمسيحيين، بمقدار ما نثبت في عيشنا وأرضنا وحقوقنا معا، نغلب أعداءنا المنظورين وغير المنظورين، ونكرس حقيقة الحديث الشريف: “الخلق كلهم عيال الله، وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله”.
وأكد ان “أهمية جبل الريحان ايها الاحبة ليست في مغارته ولا في غابات الصنوبر فيه ولا في مياه عينه الكبيرة الفوارة الدردارة ولا في خلته أو بيئته أو طيب مناخه، أهمية هذا الجبل تكمن في تنوعه وفي حرص بنيه على هذا التنوع”.
وتطرق المرتضى الى وصية الامام علي لمالك: “سيدنا، سيد الحق والعدل والبلاغة علي بن ابي طالب اوصى مالكا بأن يزرع في قلبه الرحمة بالناس، والمحبة لهم، واللطف بهم، وأن لا يكونن عليهم سبعا ضاريا يغتنم أكلهم، وقال له: “إنهم صنفان أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق.”
وختم وزير الثقافة بالدعوة الى “تمتين العيش الواحد ونحن المسيحيون والمسلمون واحد نتبع منهجا واحدا هو منهج الرحمة والحق والعدل والإنفتاح على كل ما هو انساني والإنبراء لمواجهة كل ما هو شيطاني، وهذا ما يفرض علينا حفظ اسباب الصمود والتنوع والفرح فيه وتمتين العيش الواحد وهذا بالنسبة لنا واجب ديني وواجب أخلاقي وضرورة وطنية وهو المفتاح الذهبي لبوابة الانتصار ولصون هذا الإنتصار وعلى هذا المنهج سوف نظل ثابتين كثنائي وطني في وحدة كالبنيان المرصوص ولن نبدل تبديلا. مبارك لكم مركزكم
عاشت الريحان وجبلها، عاشت وحدتنا الوطنية وعاشت المقاومة ليبقى لبنان”.