“على وقع الفراغ كيف ستدار البلاد” اشكالية طرحها “مشروع وطن الانسان” ضمن حلقاته النقاشية Tuesday Talk، وذلك يوم الثلاثاء في الخامس والعشرين من الشهر الجاري.
وحل ضيفاً رئيس مجلس القضاء الاعلى سابقاً ورئيس مجلس شورى الدولة سابقاً والخبير الدستوري القاضي الدكتور غالب غانم، وشارك امين سر “مشروع وطن الانسان” وعدد من اعضاء المجلس التنفيذي ومن قطاع المحامين في “مشروع وطن الانسان”
وتميز اللقاء بالتفاعل ان حضوريا اوعبر تطبيق زوم ومنصات “مشروع وطن الانسان”.
القاضي غانم استهل عرض الاشكالية من باب الالتزام بضرورة تطبيق الدستور والسعي الجدي والحثيث لانتخاب رئيس للجمهورية وتحمّل المسؤولية الجلّى في هذه المرحلة البالغة الدقّة ووجوب تواجد النواب خلال الايام المتبقية في المجلس النيابي الى ان يتصاعد الدخان الابيض.
وحول الفراغ الرئاسي ومن سيدير البلاد خلاله قال إنّ الدستور واضح لهذه الجهة باعتبار أنّ المادة 62 منه تنيط إدارة البلاد وكالة بمجلس الوزراء في حال شغور منصب الرئاسة.
ولا فرق جوهريّاً بين مجلس الوزراء والحكومة حتى ولو كانت حكومة تصريف أعمال التي لها، بل عليها، أن تتسلّم صلاحيات الرئيس، بالمعنى الضيّق، لأنّ الدستور يرفض فكرة الفراغ في المرافق العامة، وكذلك الاجتهاد والفقه، ثم ّإنّ الدستور لم يقدّم حلّاً غير هذا الحلّ، الأمر الذي يوجب الالتزام به. هذا فضلاً عن أنّه لا يمكن تصور البلاد من دون ادارة، وتراكم الفراغات يؤدي حكما الى تراكم الازمات.
واعتبر القاضي الدكتور غانم ان تخوف الاطراف من سيطرة فريق طائفي على آخر في حال الفراغ وتحديدا في الحالة التي نواجهها اليوم ليس في محله اذ ان الكارثة الحقيقية هي عدم وجود اي سلطة تنفيذية لمواجهة الازمات. واذا تهربت الحكومة الموجودة من تحمل مسؤولياتها في إطار ما حدّده الدستور فإنّه بالإمكان محاكمة أعضائها استناداً إلى المادة 70 من الدستور
واعتبر القاضي غانم ان هناك اتجاهين سياسيين في النظرة الى دور حكومة تصريف الاعمال تحديدا عند وقوع الفراغ وكل فريق يحاول تطبيق السياسة على الدستور، لكن الاصح هو ان الدستور يجب ان يطبق على السياسة. وعند اعتماد ما ينص عليه الدستور تستوي الامور وتصطلح السياسة.
وشدّد الرئيس غانم على أنّ ما يذهب إليه مستوحى من تجربته في الشأن العام ومسند إلى مبادئ الحياد والموضوعيّة والعلم الخالص.
وردّاً على سؤال حول ما إذا كان موظفو الفئة الأولى يستطيعون أن يكونوا مرشحين لرئاسة الجمهورية بعد تحقّق شغور منصب الرئاسة وبالرغم من الحظر الموجود في الفقرة الأخيرة من المادة 49 من الدستور، أجاب أنّه هو الذي أعدّ دراسة قانونية بهذا الخصوص بعد تراخي الفراغ زمنيّاً في عهود سابقة، وانتهت الدراسة إلى أنّ هذا الأمر ممكن تطبيقاً للمادة 74 من الدستور وحفظاً للحقوق السياسية للأشخاص المقصودين بالمادة 74 لأنّهم لم يكونوا على بيّنة من الشغور المفاجئ في منصب الرئاسة.
وتطرّق النقاش إلى مسائل أخرى من بينها نصاب انتخاب الرئيس ومدى حق النواب في مقاطعة جلسة الانتخاب وبعض التعديلات الدستورية الطفيفة اللازمة.
وأخيراً، اعتبر القاضي غانم أنّ الأمور لا تستقيم إلّا إذا تمّ الانطلاق من حسن النيّة في تفسير النصوص، وتغليب المصلحة العامة على النّفع الخاص.