أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ورقة علمية بعنوان: “غاز غزة بين الواقع والمأمول”، وهي من إعداد الأستاذ الدكتور محمد مقداد والأستاذ محمد نصار.
وأشارت الدراسة إلى أن “إسرائيل” تدرك بأن استغلال الفلسطينيين للموارد الطبيعية البحرية سيدرّ عليهم أموالا ًتغنيهم عن التزوّد بالطاقة منها، وتغنيهم كذلك عن التمويل الخارجي، بما يحقق استقلالية في الاقتصاد والقرار السياسي، وهو ما لا تريده “إسرائيل” وتحاربه بشدة من خلال العوائق التي تضعها أمام تنمية الاقتصاد الفلسطيني. ودعت الورقة الفلسطينيين إلى عدم استسلام للرغبة الإسرائيلية واستغلال الفرصة بجهود متكاتفة وأدوار متبادلة لتحقيق أقصى فائدة ممكنة، في ظلّ ظروف الاحتلال، وظروف المجتمع الدولي والقارة الأوروبية، التي هي بحاجة للغاز المتوسطي في ظلّ حرمانها من الغاز الروسي.
وأوصت الورقة المجلس التشريعي الفلسطيني بتفعيل قضية حقّ الفلسطينيين في التصرف في مواردهم الطبيعية في المحافل الدولية وفي التكتلات البرلمانية التي ينتمي إليها المجلس، والاستمرار في المطالبة بهذا الحق. ودعت إلى التقدم بشكوى في المحاكم الدولية ومطالبة “إسرائيل” بتعويضات عن تعطيل الفلسطينيين عن استثمار غازهم، وكذلك استنزاف “إسرائيل” للغاز على حدود غزة في حقلَي نوا وماري ب، حيث تقدّر القيمة الاجمالية التقديرية لهذَين الحقلَين بنحو 20 مليار دولار.
كما أشارت الورقة إلى أن المواقف الفلسطينية ما زالت مشتتة، وأنه لا توجد رؤية موحدة حول ملف الغاز، مما يجعل الفلسطينيين بعيدين عن الاستفادة من الغاز. وأن الفصائل والمقاومة في غزة ما زالت في خانة التهديد والتي لن تكون مفيدة دونما خطة واقعية لتنفيذ التهديدات، ودعت إلى دراسة التجربة اللبنانية والتي أظهرت وحدة في الموقف بين مختلف التيارات، وتبادل للأدوار بين رجال السياسة ورجال المقاومة؛ من أجل الضغط على “إسرائيل” وتوقيع اتفاق مرضي للدولة اللبنانية.
ولفتت الورقة الانتباه إلى تزايد المخاوف من تنامي ظاهرة الفساد السياسي في الأراضي الفلسطينية؛ وحذرت من استمرار السرية في ملف الغاز، ما يمنع من تحقيق الشفافية والنزاهة والرقابة على الملف وحمايته من الفساد المتوقع.
ودعت الدراسة نشر بنود الاتفاق الذي جرى بين صندوق الاستثمار الفلسطيني واتحاد المقاولين مع إيجاس المصرية؛ حول استخراج الغاز من حقل غزة مارين، وكذلك التنقيب عن حقول أخرى في المياه الإقليمية لغزة، والقيام بتبادل المعلومات بين الأحزاب الفلسطينية والمعارضة واطلاعهم على التفاصيل، والدخول في أي اتفاقيات يتم توقيعها مستقبلاً للغاز المكتشف قبالة قطاع غزة، ودعت الورقة إلى تشكيل فريق وطني متخصص من قبل القوى الفاعلة الفلسطينية؛ من أجل المراقبة على ملف الغاز، ودراسة وتقييم الاتفاقيات، والتوظيف، ووضع خطط استخدام الإيرادات، وغيرها من الملفات، بما يضمن الشفافية والنزاهة وعدم التفرد في القرارات المصيرية.
وأوصت الورقة بضرورة العمل على استثمار عائدات عائدات حقل غزة مارين في تنمية القطاعات المختلفة في الضفة الغربية وقطاع غزة؛ مثل قطاع الحماية الاجتماعية، والصحة، والتعليم وغيرها، وجَسر الفجوة الاقتصادية بين المحافظات الجنوبية، قطاع غزة، والشمالية، الضفة الغربية.
ودعا الباحثان إلى تعزيز التوافق والوحدة الفلسطينية بما يسهم في زيادة قدرة الفلسطينيين على الاستفادة من آبار الغاز ضمن مياههم الإقليمية، وبما يضمن تعظيم الفوائد المحققة من تطبيق الاتفاقات. كما دعيا إلى تعزيز التعاون مع الجانب المصري بما يضمن تحقيق المصالحة الفلسطينية؛ لأنها المدخل الحقيقي لإنهاء الانقسام والشراكة الحقيقية، وبما يضمن عدم التفرد الإسرائيلي بالسلطة الفلسطينية. ودعيا أيضاً إلى تنسيق المواقف العربية المشتركة عبر الجامعة العربية ومنظمة العالم الإسلامي، والوقوف مع الحكومة الفلسطينية لتحقيق أقصى منفعة من آبار الغاز في حدودها الإقليمية.