نظّمت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بالشراكة مع جامعة سيدة اللويزة – زوق مصبح وبدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان، جلسة حوارية في جامعة سيدة اللويزة حول قانون المتعلّق بتجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه رقم 205/2020.
يأتي هذا اللقاء ضمن المشروع المشترك الذي تنفذه الهيئة الوطنية بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان والذي يتضمّن سلسلة جلسات توعوية وحوارية في نقابات وجامعات ومؤسسات عدة معنية بتطبيق قانون تجريم التحرش الجنسي والسياسات الخاصة به.
شارك في اللقاء السيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، والأب بشارة الخوري رئيس جامعة سيدة اللويزة والجسم التعليمي والإداري والطالبات والطلاب في الجامعة.
بداية قدّم اللقاء مدير الشؤون العامة والبروتوكول في الجامعة الإعلامي ماجد بوهدير ثمّ ألقى رئيس الجامعة الأب بشارة الخوري كلمة افتتاحية قال فيها: “أرحب بالسيدة كلودين عون المرأة المرآة التي تدافع وتناضل من أجل قضايا المرأة التي تدخل ضمن رسالتنا التربوية والرهبانية.”
وأضاف: “صلب رسالتنا يتمثل في بناء كرامة الإنسان، حيث نعزّز ذلك من خلال سياسات وخطط عمل داخل الجامعة تحرص على عدم انتهاك كرامة الإنسان وتهدف إلى حمايتها. الله منحنا كرامتنا، ونعيش رسالتنا عندما نحافظ عليها ونصونها.”
وتابع: “جلستنا اليوم تركز على التوعية بموضوع التحرش الجنسي، ونثق تمامًا بأنكم ملمون بتلك المسألة، ليس فقط من جهة الضحايا الذين بتوجب عليهم الدفاع عن أنفسهم، بل أيضاً كشهود على الحادثة وبالتالي أخذ موقف مسؤول ونقل الحدث. ندرك أنه قد يكون صعبًا التحدث عن تلك القضايا، ولكن الصمت عن الخطأ يُعد ّجريمة كبيرة. التوعية تكمن في مسؤوليتكم كطلاب وطالبات، لذا عليكم تحمل المسؤولية تجاه أنفسكم أولاً، ثم تجاه الآخرين. نحن نعتز ونفتخر بشبابنا وشاباتنا،، أنتم جيل المستقبل، جيل ناضج!”
بعدها ألقت السيدة عون كلمة جاء فيها:“الزَّودة والتَّرقية بيتوقفو على شطارتك! وما عم بحكي بسّ عن الشّغل، شو إنك طَيّبة بالأبيض، شكلك تعبانة؟ أنا فيّي ريّحك” تعابير تسمعها الكثير من الفتيات والنساء، وحتى الشباب، في المحيط وفي مكان العمل، تسبّب لهم الإزعاج والتوتر، وتؤثر سلباً على نفسيتهم وعلى حياتهم ومستقبلهم.”
وتابعت: “هدف اليوم هو للتباحث في موضوع تطبيق قانون تجريم التحرش الجنسي القانون 205/2020. فخلافاً لغيره من القوانين التي يفترض بها أن تكون نافذة بعد نشرها في الجريدة الرسمية، يتطلب تطبيق هذا القانون نشر العلم به في جميع الأوساط وبنوع خاص بين الشابات والشبان. وقد أتى هذا اللقاء لتلبية الحاجة إلى التعريف بهذا القانون بين الجامعيات والجامعيين. يعتبر موضوع التحرش من المواضيع الجديدة التي دخلت خلال السنوات الأخيرة في نطاق الاهتمامات الحقوقية. فالموضوع كان يعالج تقليديا من زاوية الحفاظ على الآداب، أي من زاوية الأخلاق المجتمعية، إنما لم تكن هذه المقاربة كافية للحؤول دون حصول التحرش، ولم تكن تعير اهتماما يذكر بالضرر اللاحق بالضحية. الحل بالنسبة إلى هذه الأخيرة، كان ينحصر في غالبية الحالات “بالهروب”، بالابتعاد قدر المستطاع عن الإلتقاء بالمتحرش، أو مصادفته. في كثير من الأحيان، كان يعني ذلك تخلي الضحية عن نشاط تمارسه في الدراسة، في العمل وحتى في المحيط المباشر، في الأسرة وفي الجوار. زيادة عن ذلك، وتماشياً مع الصورة النمطية السائدة عن الرجولة العاجزة عن مقاومة الشهوة الجنسية، كانت ولا تزال تعتبر الضحية نفسها مسؤولة عن حدوث التحرش لمجرد وجودها في الموقع الذي يتواجد فيه المتحرش.”
وأضافت: “هذا المنطق والسعي لعدم تعرض الفتيات والنساء للتحرش، كان في الماضي، في المجتمعات القائمة على الأنظمة الأبوية، في أساس العادات الفاصلة بين الجنسين، في جميع المجالات، في السكن، في المنزل الأسري، في العمل، وفي أي نشاط دراسي أو مهني أو ترفيهي.”
وقالت: “ولا بد أيضاً من الإضاءة على عنصر بات يدخل في توصيف القانون لجرم التحرش الجنسي، وهو ” كونه غير مرغوب به من الضحية”. فأياً كانت خطورة الفعل، بات هذا العنصر أساسياً في توصيف التحرش. بالإضافة إلى ذلك، إعتبر القانون أن شرط تكرار الفعل في توصيف جريمة التحرش الجنسي، ليس مطلوباً إذا كان الفعل المجرم مقروناً بأي نوع من أنواع الضغط النفسي أو المعنوي أو المادي أو العنصري. كذلك ، شدد القانون العقوبة على المرتكب في حال حصول الجريمة في إطار رابطة التبعية أو علاقة العمل، الأمر الذي يوفر حماية “للأطراف الضعيفة في المجتمع” التي رمى القانون إلى حمايتها كما هو وارد في أسبابه الموجبة.”
وأشارت إلى أن: “النساء غير المتمكنات شخصياً وعلمياً واقتصادياً أو اللواتي يتعرّضن لضغوط من جانب مرتكب يحتل مركزاً نافذاً تجاههن، يشكلن فئة أساسية من هذه الأطراف. لذا يعتبر تطبيق هذا القانون أمراً أساسياً، ليس فقط لصون الحقوق الإنسانية للضحايا، إنما أيضاً لتوفير حيثية حقوقية للنساء من الفئات المحتاجة أو من ذوات المواقع الأقل نفوذاً من موقع المتحرش، اللواتي تتاح لهنّ فرصة اللجوء إلى القانون وإلى القضاء في حالة التعرض لمحاولات من يسعى إلى استغلال ضعف موقعهن أو إمكانياتهن الاقتصادية والعلمية لتحقيق “منفعة ذات طبيعة جنسية” على ما هو وارد في النص. من هنا، من شأن العمل بهذا القانون تشجيع هذه الفئة من النساء على الانخراط في المعاهد العلمية وفي سوق العمل والتغلب على الخشية من التعرض للتحرش والابتزاز وبالتالي تلطيخ السمعة. لكن عندما نتحدث عن الفئات المستضعفة من النساء، علينا عدم إغفال جهود التوعية التي ينبغي أن تستهدفهن للتعريف بالقانون وبآليات اللجوء إليه. كما علينا أيضا ألا نغفل أن تسهيل الوصول إلى العدالة بالنسبة إلى النساء من جميع الأوساط، الفقيرة كما الميسورة، يتطلب إدراكاً لأهمية توفير وسائل إثبات الجرم وإبطال حجج دفاع المرتكب، وخاصة الإدعاء بأن الإرتكاب حصل برضى الضحية.”
وختمت: “نأمل أن تكون هذه الجلسة مثمرة في توضيحها لسبل تطبيق هذا القانون، انطلاقا من خلفيته الحقوقية، مع أخذ الظروف الصعبة التي تحيط عادة بالضحايا صاحبات الشكاوى، بعين الاعتبار. وأخيراً أتقدم بالامتنان لصندوق الأمم المتحدة للسكان لدعمه تنظيم هذه الجلسة، كما أشكر جامعة سيدة اللويزة ورئيسها الصديق الأب بشارة الخوري للإستضافة، والجهاز الإداري على التنظيم، وأعول على مشاركتكم في نشر المعرفة بهذا القانون في أوساطكم وبين زملائكم.”
وخلال اللقاء استعرضت الأستاذة غادة جنبلاط عضو المكتب التنفيذي في الهيئة الوطنية، مسار إقرار القانون، أسبابه الموجبة، إضافة إلى عناصر الجرم ونماذج عن تطبيقات قضائية. كما وتناول العرض التحديات التي تواجه تطبيق القانون وسبل تخطيها.
وفي ختام اللقاء سلّم الأب الخوري إلى السيدة عون موسوعة العذراء مريم في لبنان من منشورات جامعة سيدة اللويزة.