نظّم مركز دروزة لإدارة الابتكار وريادة الأعمال في كلية سليمان العليان لإدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) ملتقىً وسباقاً فكرياً مكثّفاً (هاكاثون)، في خضمّ الأزمة الاقتصادية التي لا تزال تُنهك لبنان منذ أعوام ثلاثة، ووسط الانهيار الفادح للعملة المحلية حيث فقدت الليرة اللبنانية خمسة وتسعين بالمئة من قيمتها، في مساعدة الاقتصاد من خلال قواعد البيانات الرقمية المتسلسلة، (البلوكتشاين) والعملة الرقمية المشفّرة، (الكريبتو كرنسي). وعُقد الهاكاثون بالتشارك مع واحة طلال ومديحة الزين للابتكار (آي بارك) ومنطقة بيروت الرقمية (بيروت ديجيتال ديستريكت).
حفل الافتتاح ندوتين تناولتا التحدّيات والفرص المحلية اللبنانية بالإضافة إلى الاتجاهات العالمية وأهميتها للبنان. وشارك في الندوتين خبراء العملة الرقمية المشفّرة، نذكر منهم نائب رئيس تطوير الأعمال في آفالابز (Ava Labs) جون نحاس، العالم السابق في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) والرئيس التنفيذي لشركة نيم تكنولوجيز (NYM Technologies) الناشئة المعنيّة بحماية الخصوصية الرقمية، ألدّكتور هاري هالبن، والمستشارة القانونية في العملة الرقمية المشفّرة في سويسرا فاطة فنّيزاده، والرّئيس التنفيذي ومسؤول تقانة المعلومات والشريك المؤسس لشركة ال وان ديجيتال (latigiD 1L) في زوريخ راي هندي، بالإضافة إلى الخبراء المحليين نائب الرئيس لتطوير الأعمال في شركة ديجيتال ترانزيت (Digital Transit) سايروس أزاد، والمؤسّس والرئيس التنفيذي لشركة ديجيتال ترانزيت غصان، ومسؤول التكنولوجيا في شركة أركادوس جي جي (Arcadeous GG) عبد الوهاب الزُعبي، و اند كُوْينسالتنسي (Walleti & Coinsultancy) رفيق فرّا.
حضر المشاركون ورشات عمل نظّمها مركز دروزة لإدارة الابتكار وريادة الاعمال من الجامعة الأميركية في بيروت وغيرها من الجامعات قبيل إطلاق الهاكاثون. وركّزت هذه الورشات على كيفيّة توظيف تكنولوجيا البلوكتشاين لمساعدة اقتصادات تعاني من التضخم المفرط على غرار الاقتصاد اللبناني. من ثمّ، تمّ تقسيم المشاركين إلى ست فرق تلقّت توجيهاً لابتكار الحلول، ها وتجربتها بهدف الارتقاء بها إلى مستوى يسمح بإطلاقها كأعمال على أرض الواقع في غضون يومين فقط.
وركّز المتحدّثون خلال الحفل على التحدّيات الأساسيّة الّتي تواجهها العملة الرقميّة المشفّرة والفرص الّتي قد تحقّقها. ودعا نحاس إلى التركيز على “إزالة العوائق الّتي تحول دون اعتماد العامّة للعملة الرقمية المشفّرة وتعميمها حيث تُعَدُّ الأخيرة”
وقال راي هندي، المدير العام والشريك المؤسّس لإدارة الأصول السويسرية ال وان ديجيتال والتي تبلغ قيمة حقيبتها الرقمية ستمئة مليون دولار، “من الواضح أن المستثمرين المؤسساتيين المتطوّرين مثل الأوقاف الجامعية والتي غطّت مؤخراً صندوقاً من أربع مليارات دولار ونصف المليار دولار كما أعلن في الخامس والعشرين من أيار المنصرم يعرفون أن هناك جولات في الأصول بالعملة المشفّرة، لكننا نحتاج إلى جعل جميع المستثمرين يُدركون ذلك.” وركّز هاري هالبن في كلمته على مواجهة اللغط المنتشر في وسائل الإعلام الرئيسية والقائل بأن “تقنية التشفير ليست أصولا مضاربة، ولكنها منصّة التمكين للاستفادة من إمكانات الاقتصاد اللامركزي الهائلة”. وخلصت فاطمة فنّيزاده، محامية الاقتصاد اللامركزي، إلى أن “مقاربة وتقنية العملة المشفّرة تطلق وسائل جديدة لحوكمة لم نرها من قبل للخدمات الاقتصادية، وبات بإمكاننا إعادة بنائها من الصفر بتمكين أفراد عاديين لم تكن لديهم الفرصة لفعل ذلك من قبل. ”
وفي اليوم الثالث أو يوم العرض، وقامت كلّ من الفرق الستة بإجراء عرضٍ تقديميّ أمام لجنة التّحكيم المؤلّفة من خبراء مرموقين ضمنهم الدّكتور هاري هالبن، وفاطمه فنّيزاده، وسامي كتيلي، وغابريال كاردونا وهو مناصر للتكنولوجيا ويعرّف بها الموظفين غير التكنولوجيين في آفالابز (شارك عن بعد)، ومسعود سكّيجة وهو خبير في التحول الرقمي في الخدمات المالية، والدكتور إيلي نصر الاستاذ في الجامعة الأميركية في بيروت والجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا.
وقد ألقى الخبير العالمي في العملة الرقمية البيتكوين، أمير تاكي، المؤسس المشارك لحركة أغورا في الاقتصاد اللامركزي كلمة في الحفل الختامي. وتاكي هو أيضاً ناشط الكتروني، ومبرمج اشتهر بإعادة كتابة جزء من ترميز البيتكوين ورائد للعديد من المشاريع المفتوحة المصدر أي التي يمكن للجميع ان يشارك بها ويعدّل في قوانينها. هذا وكانت مجلة فوربز قد أدرجت تاكي في قائمة أنجح ثلاثين فرداً لم يبلغوا الثّلاثين عامًا في العالم، في العام ألفين وأربعة عشر. وقد ألقى تاكي خطاباً ملهماً للغاية ودعا الجميع إلى التعاون ليصبح الاقتصاد اللّامركزي محرّكاً للتغيير. وأردف، علينا استجماع قوانا في سبيل تحقيق فرصة تمهيد الطربق لسائر الناس.”
وقال مدير مركز دروزة لإدارة الابتكار وريادة الاعمال البروفسور بيجان أزاد،”حالة العملة الرقمية المشفّرة اليوم تشبه إلى حد كبير التجارة الإلكترونية في العام ألفين. نحتاج إلى تجاوز اللّغط حتى يتمكن الأشخاص العاديون من فهم ما هو التشفير وكيف يمكنهم اعتماده في معاملاتهم المالية. أي أن هناك طريق طويل أمامنا ولدينا الكثير من العمل الذي يتعيّن علينا القيام به.”
وقد توّج المُلتقى بانتقاء أربع فرق فائزة اعتُبرت جاهزة لبدء تشغيل منتجاتها بنجاح بما في ذلك “بطاقة الحك” المشفرة لتسهيل استخدام العملة الرقمية لأولئك الذين ليس لديهم محافظ رقمية. وجاء الفائزون على النحو التالي:
الجائزة الأولى (خمسة عشر ألف دولار من الراعي الذهبي للمسابقة آفالانش) حصل عليها مشروع “كريبلوك” لكشف العمليات الرقمية غير الموثوقة وتحويلها إلى معاملات مضمونة. وقالت نور السعدي، وهي من الفريق الذي حاز على الجائزة الأولى، “أنا طالبة بيولوجيا وأدرس للماجيستير في تحليلات الأعمال. دفعني الهاكاثون إلى استكشاف ما لا أعرفه، وهو عالم العملة الرقمية المشفّرة، تحت إشراف أفضل خبراء عالميين وذلك في غضون ثماني وأربعين ساعة فقط.” والجائزة الثانية (عشرة ألف دولار من الراعي الفضي للمسابقة نيم تكنولوجيز) حصل عليها مشروع “كاشتوكوين” لجعل معاملات التشفير سهلة مثل عمليات الصرّاف الآلي عبر ستايبلكوينز. والجائزة الثالثة (خمسة آلاف دولار من الراعي البرونزي للمسابقة ال وان ديجيتال) قُدّمت لمشروع “واليتي” لتعميم اعتماد العملة الرقمية في الأسواق من خلال تقديم بطاقات الحك المشفّرة المدفوعة مسبقاً والتطبيق العائد لها. وقالت كليمنس جبر، وهي من الفريق الفائز الثالث وأحد طلاب الدكتور هالبن، “عندما أنظر إلى فضاء العملة المشفّرة، تبدو الخصوصية نقطة ضعفها الخطيرة. ولكن هناك أمل لأن التقنيات مثل منصة نيم تكنولوجيز تحاول إصلاح هذا الضعف.” أما الجائزة الرابعة (ألف دولار من راعي المسابقة نيم تكنولوجيز) ففاز بها مشروع “دي بنك” لبناء سمعة المؤسسات الكبيرة والمتوسطة عبر الشبكات القائمة على البلوكتشاين.