الحاجة أم ابراهيم أو الحاجة أميرة كما تحب أن ينادونها اسم على مسمى فهي اسما الامهات تفانيا” وعطاء” في شخصها تختزل كل نساء لبنان المقاومات انها خنساء داريا القابضة على جمر المعاناة فقدت زوجها في سن مبكر للتتوالى النكبات بوفاة ثلاثة من ابنائها اخرها ابنها البكر ابراهيم ودعتهم بدموع كالجمر دون ان تنحني لقسوة القدر
ام ابراهيم حضنت ابنائها ورافقتهم في دروب الحياة نبض بنبض ولحظة بلحظة فكانت المثال في التضحية والقدوة في تربيتهم على حب الناس والتواضع والتعلق بالارض والوطن حكايتها لا تنتهي عن دورها المقاوم في وجه الاحتلال الاسرائيلي بعد اجتياح العام 1982 لم ترعبها دبابات العدو ولا جحافله التي اقتحمت منزلها ثلاثة مرات بحثا” عن السلاح وعن ابنها زهير الذي كان من رموز المقاومة الوطنية اللبنانية فصمدت وتولت نقل الاسلحة وطمرها كي لا تقع بايدي الاحتلال كيف لا وهي المرأة التي طوت سنوات عمرها في نضال لا ينتهي في سبيل لقمة عيش مغمسة بالدموع ودم العطاء عندما تراها ترى ابنائها في عيونها تغطيهم بشغف حب لا ينتهي فهي كالزيتون والتين في طقوس العطاء الابدي وارز الرب الخالد الذي يكلل قلبها الناصع ببياضه والشامخ في في صموده امام المآسي والويلات انها ام المقاومين التي ان حدثتها اطربتك حلاوة طيبتها الفطرية التي لم تلوثها مطامع الحياة ولم تثنيها مصاعبها عن المجالدة والصمود فهي ليست ام لعائلتها فقط بل لمقاتلي بلدتها داريا الذين سارت معهم في جلجلة الصمود ابان حرب الاقليم تؤمن لهم الغذاء اليومي على محاور القتال وقد حدثتني عن يوميات هذه المرحلة بالقول كنت اساعد الشباب فاعد لهم الطعام فهم ابنائي جميعا” ويجب ان اساهم في تامين متطلبات صمودهم
ام ابراهيم امراْة من بلادي كان لي شرف التعرف بها وسماع حكاياها الممتعة والتنور بفكرها الوضاء وبتجربتها كمقاومة ربت ابناءها وابناء ابنائها باللقمة الحلال وعلمتهم ان قيمة الانسان ليست بما يملك من متاع الدنيا بل بما يعطي ويترك من اثر طيب في قلوب الناس واثمرت عطاءاتها وتوجيهاتها رجال رسموا طريق حياتهم بالعمل والكد والتضحية
ام ابراهيم عندما تحدثها عن ابنها الأصغر رامي تومض عيونها بألق لا ينتسى ليده البيضاء في العمل الاجتماعي في داريا والاقليم وعن زهير المشاغب المحب والمناضل في المقاومة الوطنية اللبنانية تقول انهم ثمرة قلبي وهبتها للمقاومة ام ابراهيم كثيرا” ما تتذكر أبناءها الثلاثة وزوجها وشقيقها الراحلين فتحبس دمعة تترقرق في مقلتيها وتبتسم شامخة وقد جاوز سنها العقد الثامن من العمر كيف لا وهي المقاومة ام المقاومين التي وفي صمودها تختصر كل نساء لبنان المقاومات فالف الف تحية لها من القلب من ابن لم تلده ولكنها له ام ثانية