من منا لم يقرأ حينما جاء يهوذا الاسخريوطي الخائن ليسلّم السيد المسيح بقبلة، قال له “يا صاحب لماذا جئت؟” يقول للخائن “يا صاحب”، لأنه لا يريد أن يخدش شعوره!! وبهذا الأسلوب الرقيق نفسه، لم يخدش شعور المرأة “المضبوطة في فعل الزنى” بل أنقذها من الذين يطلبون رجمها وقال لهم من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر ولما مشوا، قال لها “ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضًا”
وفي احترامه للأمومة، كان خاضعًا لأمه مريم وليوسف .
وفي احترامه لتلاميذه، “لا أعود أسميكم عبيدًا.. لكني قد سميتكم أحباء”بل أكثر من هذا سمّاهم أخوة له. وقال لمريم المجدلية بعد القيامة “اذهبي إلى أخوتي وقولي لهم..”. إنه لم يستحِ أن يدعوهم إخوة بل أكثر من هذا أيضًا، قال عنهم للآب “المجد الذي أعطيتني، قد أعطيتهم”. وأعطاهم احترامًا في نظر الناس بالمواهب التي منحهم إياها..
وهناك الكثير والكثير من الامثلة ترينا تواضع السيد المسيح وكيف عاش قبل أن أتت ساعته..
وكذلك الأمر تواضع نبي المسلمين محمد (ص)عندما قال يا أيُّها النَّاس، عليكم بتقواكم، ولا يستهوينَّكم الشَّيطان، أنا محمَّد بن عبد الله، أنا عبد الله ورسوله، ما أحبُّ أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلنيها الله..
كان رسول الله (ص)وسلم جمَّ التَّواضُع أيضاً ، لا يعتريه كِبرٌ ولا بَطَرٌ على رفْعَة قَدْره وعلو منزلته، يخفض جناحه للمؤمنين ولا يتعاظم عليهم، ويجلس بينهم كواحد منهم، ولا يُعْرَف مجلسه من مجلس أصحابه؛ لأنَّه كان يجلس حيث ينتهي به المجلس، ويجلس بين ظهرانيهم فيجيء الغريب فلا يدري أيُّهم هو حتى يسأل عنه..
وكان مِن تواضعه (ص)القيام بخدمة أصحابه
ويشارك في خدمة أهله في البيت
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): (ما نقصت صدقةٌ من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضعَ أحدٌ لله إلا رفعه الله).
انظروا تواضع من يتبعهم حوالي ال 4 مليار نسمة وكيف كانوا وهناك الكثير من الأمثال عن تواضعهم لو ذكرتها لكتبت كتاباً عنهم ولا تنتهي.
فعندما أنظر إلى كبار رجال الدين والعظمة “والفخفخة “التي أحاطوا نفسهم بها أشعر أنّ هناك خطأ والله سيحاسبهم حتماً على تمثيلهم ولم ولن يرضى بأفعالهم ..
وعندما أشاهد عظمة السياسيين وتكبرهم وجبروتهم وفسادهم يأتي في ذهني فوراً القبر الذي يناديهم وكيف ستكون نهايتهم وكيف يعيشون بكبريائهم السخيف
إذاً لتعيش بسلام ألا يجب أن تكون متواضعًا وتتمثل أقله بالأنبياء؟
يمكن للساعي إلى التخلق بخلق التواضع أن يستعين بما يأتي:
قبول الحق أيًّا كان مصدره: فالمتواضع يقبل الحق حتى وإن من الأشخاص الأقل منه في المكانة.
احترام الناس: فالمتواضع يحترم الناس ويقدرهم ويحفظ مكانتهم فلا يقلل من شأن أي أحد.
الرجوع عن الخطأ: فالمتواضع إذا وقع في الخطأ يعود عنه ولا يتمسك به، بل إنه يشكر من نبهه إلى هذا الخطأ.
عدم إسناد الفضل إلى النفس: فالمتواضع إذا ساعد أحدًا وأفاده من مساعدته لا يقول هذا بفضلي، بل إنه يرد الفضل إلى الله تعالى.
عدم السعي إلى الشهرة: فالمتواضع لا يكون هدفه من التواضع أن يكتسب الشهرة، كما أنه لا يستغل المجالس لإبراز تواضعه.
عدم الاهتمام بتبجيل الناس: فالمتواضع لا يحب أن يقف له الناس عندما يأتي أو عندما يرونه.
تولي المسؤوليات الشخصية دون مساعدة: فالمتواضع مثلًا يحمل أغراضه بنفسه ولا يطلب من أحد أن يساعده في ذلك.
عدم التفاخر بالملبس والمظهر، فالمتواضع لا ينكر على نفسه أو غيره ارتداء الثياب متوسطة السعر أو قليلة السعر.
عدم طلب الثناء من الناس، فالتواضع يكون متواضعًا من أجل إرضاء الله وليس من أجل الحصول على ثناء الناس وحمدهم.
فالمتواضع لا يسعى إلى أن يكون أعلى من غيره، ولا ينظر إلى المناصب ويتنافس عليها من أجل الحصول على اللقب وغيره من الأهداف التي يسعى الناس إلى الحصول على المناصب لتحقيقها، فالمتواضع يجيب دعوة الفقراء إذا طلبوا منه الحضور إلى وليمة أو مناسبة، فهو لا يستعلي عليهم بل يرى نفسه أقرب إليهم لصفاء نفوسهم في الغالب.
تجنب أي مظهر أو سلوك فيه استعلاء وكبر: فالمتواضع لا يرضى أن يمشي أحد ممن هم معه خلفه، كما أنه لا يرضى أن يكون راكبًا ومن معه يمشون على أرجلهم.
أخي بالإنسانية إن التواضع يعلي من شأنك فكن متواضعاً …
” ما حدن راح وأخد معه شي إلا أعماله “