افتتح الملتقى العربي الأول للمصارف ورجال الاعمال أعماله، صباح اليوم في فندق فينيسيا، بدعوة من اتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، برعاية وحضور وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال أمين سلام. كما حضر النائب فادي علامة، الأمين العام لإتحاد المصارف العربية الدكتور وسام حسن فتـــّوح ، رئيس مجلس ادارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزيف طربيه، رئيس مجلس ادارة اتحاد المصارف العربية الدكتور محمد الاتربي، رئيس لجنة الاستثمار لتعبئة الموارد المالية في إتحاد المصارف العربية رئيس مجلس إدارة بنك الكويت الدولي الشيخ محمد جراح الصباح، أمين عام اتحاد الغرف العربية الدكتور خالد حنفي وحشد من الشخصيات الاقتصادية والمالية والاكاديمية العربية والدولية واللبنانية.
فتوح
وألقى الدكتور فتوح كلمة بالمناسبة، استهلها بشكر الوزير سلام لرعايته أعمال الملتقى، معربا عن تقديره “لجهوده الكبيرة الهادفة لتعافي الاقتصاد اللبناني، وإعادة دوره الاقتصادي والمالي الرائد في محيطه العربي. والشكر والتقدير موصولان إلى أصحاب الدولة والمعالي والسعادة والسيادة، وضيوفنا الأعزاء من كافة الدول العربية، والخبراء والمتحدثين كل بإسمه وصفته، الذين شرّفونا اليوم بحضورهم ومشاركتهم في هذا الملتقى الهام الذي تستضيفه مدينة بيروت المتعالية على جراحها اليوم، وهي تستذكر يوم الرابع من شهر آب/أغسطس 2020 يوم الإنفجار الهائل الذي طاول البشر والحجر، مدمّراً الجزء الأكبر من مرفئها وأبنيتها التراثية في محيطه”.
اضاف: “لقد نال المقر الرئيسي لإتحاد المصارف العربية حصّته من عصف هذا الإنفجار، لكنه قام من بين الأنقاض مثل حاضنته بيروت، التي لملمت جراحها وأحزانها العميقة وعادت إلى الحياة لتؤكّد للعالم أجمع أنّ بيروت لا تموت، كذلك عاد إتحاد المصارف العربية، بجهود مجلس إدارته، ولجنته التنفيذية، وأمانته العامة، إلى العمل بمسيرته ونشاطاته عربياً ودولياً، أكثر جديّة وفاعلية، كممثل حقيقي للمجتمع المصرفي والمالي العربي، والداعم لمصالح المؤسسات المصرفية والمالية العربية، والعربية الأجنبية المشتركة من خلال أسرته التي تضم أكثر من 350 مصرفاً عربياً من كافة الدول العربية وأوروبا وتركيا، وتوسع إقليمياً عبر المكتب الإقليمي للإتحاد في المملكة العربية السعودية ومكاتب في القاهرة وعمّان والخرطوم وتونس، وضاعف نشاطاته ليؤكّد حضوره في الصين وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية، كممثل حقيقي للمجتمع المصرفي العربي”.
وتابع: “يأتي هذا الملتقى في بيروت في زمن يُعاني بلدنا الحبيب لبنان من تحديات اقتصادية ومالية واجتماعية كبيرة وجديّة، تستلزم دعماً وتعاوناً عربياً مكثّفاً، لمساعدته على مواجهة تلك الازمات المجتمعة، والتي قد يكون من الصعب التغلب عليها بالامكانات المحلية فقط. كما يهدف الملتقى الى تقديم الدعم للقطاع المصرفي اللبناني الذي هو اليوم بأمسّ الحاجة لإعادة الثقة به وإستعادة دوره الرائد، ويجب أن لا ننسى مساهمة المصارف اللبنانية في تقديم الخدمات المصرفية للعديد من الاقتصادات العربية عبر فروعها التي انتشرت في العراق، ومصر، وسوريا، والسودان، وسلطنة عُمان، والامارات، والأردن؛ بالاضافة الى ذلك، وقد كان للمصارف اللبنانية دورٌ في ربط بعض القطاعات المصرفية العربية بالمصارف الدولية من خلال علاقاتها الجيّدة بالمصارف المراسلة.”
واكد فتوح “اننا نسعى في اتحاد المصارف العربية من خلال هذه الفعّالية – كغيرها من فعّاليات الاتحاد – إلى تعزيز التعاون العربي المشترك، وتعزيز التكامل الاقتصادي في الدول العربية والإستثمار في القطاعات الاقتصادية المختلفة وخاصةً في القطاع المصرفي وقطاع الزراعي وقطاع السياحي – وعليه؛ لا بدّ من الاضاءة خلال هذا الملتقى على الفرص الاستثمارية الناشئة في منطقتنا العربية، ونقولها في صوتٍ عالٍ – نعم هناك فرص إستثمارية واعدة في لبنان حتى في ظلّ الازمة الحالية”.
وقال: “ذكرنا بالأمس أنّ هناك رغبة من بعض المصارف والمستثمرين العرب في الدخول الى السوق المصرفي اللبناني، وها نحن نقولها اليوم – نعم هناك مستثمرون لديهم رغبة بالنظر ودراسة السوق المصرفي اللبناني – ونحن نرى أن دخول مصارف أجنبية او مستثمرين اجانب الى القطاع المصرفي اللبناني ليس سابقة، وليس أمراً مستغرباً، كما أنه بالتأكيد عامل إيجابي، مع الاشارة الى أن عدد المصارف العربية العاملة في لبنان يبلغ حالياً 12 مصرفاً، من الأردن والعراق ومصر وقطر والبحرين والكويت والإمارات وغيرها. وبشكل عام، يشكّل دخول المصارف الأجنبية إلى لبنان، كما إلى أيّ بلد آخر، وعلى رأسها المصارف العربية، حافزاً لتعزيز المنافسة في تقديم وتطوير الخدمة المصرفية، وتحسين الكفاءة، وحافزاً لتحسين الأصول وترشيد الإدارة، وتوفير موارد مالية أكبر للاقتصاد لتكون مكمّلة للمصارف الوطنية وليس بديلاً منها”.
وختم: “نتطلّع بأمل كبير، أنّ يُحقّق هذا الملتقى الأهداف المرجوة والتي ذكرتها، وليشكّل بداية لإطلاق عملية الإستثمار في لبنان ودعم جهوده للخروج من هذا النفق المظلم. ويهمّنا عشية الرابع من آب أنّ نعرض فيلماً توثيقياً قصيراً عن بيروت وعن الإنفجار الهائل الذي تعرّض له مرفأ بيروت، فلنشاهده معاً”.
الاتربي
ثم القى الاتربي كلمة قال فيها: “أرحب بكم في “الملتقى العربي الاول للمصارف ورجال الاعمال” الذي ينظمه اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، هذا الملتقى الذي نسعى الى جعله مناسبة سنوية، للقاء بين القطبين الرئيسيين للاقتصاد العربي، المصارف ورجال الاعمال لبحث أوجه التعاون وتناول القضايا الملحة التي تهم الطرفين والتركيز على سبل التعاون والتنسيق لإحداث التكامل بينهما، لتعزيز فرص التمويل والاستثمار والنمو والتنمية في دولنا العربية”.
أضاف: “انه لمن دواعي سرورنا عقد هذا الملتقى في مدينة بيروت العزيزة والغالية على قلوبنا جميعاً، والتي نسعى دائماً في اتحاد المصارف العربية على عقد فعاليات الاتحاد بها، للتأكيد على مدى حرصنا على ابقائها مركزاً رئيسياً لنشاطات الاتحاد، وللتأكيد أن قلبها مفتوح لاستقبالنا جميعاً على الرغم من جميع الصعوبات والمِحَن التي تعصف بها”.
وتابع: “في خضم التوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم بأسرة، والتي أثرت في كافة المؤشرات الاقتصادية الكلية كالتضخم، والتشغيل، والنمو الاقتصادي، وعجز الموازنات الحكومية، وعجز الحساب الجاري في ميزان المدفوعات، وفي ظل معدلات التضخم التي ارتفعت بشكل كبير خلال العام السابق ولاتزال مرتفعة حتى الآن في العديد من الدول، والتي آدت إلى إحداث تباطؤ في معدلات النمو الاقتصادي لدى تلك الدول وفرضت على سلطاتها النقدية أن ترفع أسعار الفائدة لديها للتحكم فى مستويات التضخم الأمر الذى أدي إلى عزوف المشروعات والأنشطة الاقتصادية عن التمويل نظراً لإرتفاع تكلفته، مما أصاب القطاعات الاقتصادية بالتباطؤ…الأمر الذى يدعونا عبر هذه المنصة لإيجاد عدد من السبل لتعزيز التمويل وسد الفجوات التمويلية وبحث سبل التعاون بين المصارف ورجال الاعمال، والتحديد الدقيق للقطاعات الاقتصادية التي تحتاج إلى تمويل والتي من شأنها أن تساهم في رفع معدلات الناتج المحلى الإجمالي العربي”.
وأردف: “هنا يتبلور دور القطاع المصرفي العربي الذى يُعد الدعامة الأساسية للاقتصاد العربي، وعلى كافة المستويات، وعلى مساحة الوطن العربي بأكمله، لاسيما وقد بلغت حجم الموجودات المجمّعة للمصارف العربية نحو 4.4 تريليونات دولار أميركي، تُمثل ما يقرب من 150% من حجم الناتج المحلي الاجمالي العربي، هذا ولا تزال المصارف العربية هي الممول الأساسي للاقتصادات في دولها، حيث ضخّت تمويلات للقطاعين العام والخاص العربيين تقارب 3 تريليونات دولار، تُمثل 90% من حجم الاقتصاد العربي ككل، هذا بالاضافة الى إدارتها للنسبة الاكبر من المدخرات الوطنية. فضلاً عن مواكبتها لأحدث التقنيات المصرفية الدولية، إذ تتبني المصارف العربية بالفعل استراتيجيات التحول الى الاقتصاد الرقمي في المنطقة العربية، وتسعى الى الاستفادة من التطورات التكنولوجية والرقمية العالمية والمحلية بهدف تطوير آليات الادخار والتمويل والاستثمار، بما يؤدي بالتأكيد الى تطوير آفاق خدمة العملاء، و تعزيز النمو والتنمية في الدول العربية، كما امتدت مساهمة المصارف العربية الى التحول الى اقتصادات عربية خضراء وأكثر تنوعاً، عبر الصيرفة الخضراء وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة”.
وقال: “ولما كان المستثمرون ورجال وسيدات الاعمال العرب ركناً أساسياً في الاقتصاد العربي، يديرون المؤسسات العاملة في القطاعات الاقتصادية المختلفة، من صناعة وزراعة وتجارة وسياحة وتكنولوجيا واعلام واعلان، بالاضافة الى رواد الاعمال، والذين يساهمون في تطوير الدورة الاقتصادية الوطنية في مختلف جوانبها، كالانتاج والتصدير علاوة على خلق فرص العمل والتوظيف، كان واجباً على المصارف العربية المشاركة ومد جسور التعاون معهم من آجل أحداث تنمية شاملة ومستدامة لبناء اقتصاد أكثر صلابة يضمن تحقيق الرفاهية الاقتصادية لشعوبه”.
ولفت الاتربي الى ان “المنطقة العربية تواجه العديد من التحديات الاقتصادية، مثل ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وضعف مستويات النمو الاقتصادي والتنمية، ولعل أحد أهم أساليب مواجهة هذه التحديات، هي تعزيز التعاون بين المصارف العربية ورجال الأعمال العرب. فالمصارف العربية لديها القدرة على لعب دور مهم في دعم الاقتصاد العربي، من خلال توفير التمويل للمشروعات الواعدة، وتقديم الخدمات المصرفية والمالية، ودعم الصادرات العربية”.
وقال: “وليقيننا الراسخ بما يتمتع به رجال الأعمال العرب بالعديد من المهارات والخبرات التي يمكن أن تساعد في تطوير الاقتصاد العربي، مثل روح المبادرة، والقدرة على إدارة الأعمال، والفهم العميق للسوق المحلي والعلاقات التجارية الدولية… إلا أننا نعلم أيضاً أن ثمة تحديات يواجهها رجال الاعمال والمستثمرون لعل ابرزها مدى اتاحة عمليات التمويل، وعدم وجود دعم حكومي، والمنافسة الشديدة من الشركات الأجنبية، وكذلك البيروقراطية الحكومية، وما يهمنا تحديداً كمصرفيين هو موضوع اتاحة التمويل، فالتمويل هو العنصر الأساسي لتطوير وتوسيع الأعمال، والتحول من مؤسسات محلية تخدم الاسواق الوطنية الى شركات قادرة على تصدير منتجاتها وعلى تقديم خدماتها خارج الحدود، وخدمة الاقتصاد الوطني عبر زيادة الانتاج والتصدير واستقطاب العملة الصعبة وجذب الاستثمارات، وخلق المزيد من فرص العمل، وفي هذا السياق، فإننا نسعى فعلاً، وبحسب ما تسمح لنا به التشريعات والقواعد الرقابية، في مدّ قطاع الاعمال العربي بأقصى حدّ ممكن من التمويل”.
وتابع: “تواجه المنطقة العربية فجوة تمويل كبيرة، تبلغ قيمتها نحو 200 مليار دولار أميركي سنوياً، وتؤثر هذه الفجوة التمويلية على العديد من القطاعات الحيوية في المنطقة، بما في ذلك التعليم والصحة والبنية التحتية والطاقة، ولعل أهم الأسباب التي تؤدي إلى وجود فجوة التمويل هذه، انخفاض مستويات الدخل في عدد غير قليل من الدول العربية وارتفاع معدلات البطالة، وعدم كفاية الاستثمارات الأجنبية المباشرة فضلاً عن الحروب والنزاعات المسلحة، وتؤدي فجوة التمويل هذه إلى عدد من الآثار السلبية فى المنطقة العربية، كالحد من النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات الفقر والبطالة والأميّة، وتدهور الأوضاع الاجتماعية والصحية، وتفاقم الأزمات السياسية. فضلاً عن أن المنطقة العربية تواجه العديد من التحديات المتعلقة بالأمن الغذائي، والتغيرات المناخية التي تؤثر على الإنتاج الزراعي والنزاعات المسلحة التي تؤدي إلى تدمير البنية التحتية الزراعية، وكل هذه التحديات تخلق تحديات فعلية للأمن الغذائي العربي وتجعل من الصعب على المنطقة العربية تحقيق أمنها الغذائي”.
واكد “أن سد فجوة التمويل في المنطقة العربية هو تحد كبير، ولكن يمكن تحقيقه من خلال التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص، وعلى رأسه القطاع المصرفي، وفي هذا المجال، يمكن للمصارف العربية أن تلعب دوراً مهماً في سد فجوة التمويل في المنطقة العربية، وهناك العديد من السبل التي يمكن للمصارف العربية إتباعها لسد هذه الفجوة، منها زيادة التمويل للمشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وتمويل المشاريع الخضراء، وتمويل الاستثمارات في البنية التحتية، والتوسع في تقديم الخدمات المصرفية الإسلامية، وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المصرفية الى الفئات الأقل حصولاً على الخدمات المصرفية، الأمر الذي يٌمكن للمصارف العربية المساهمة في تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة وتحسين مستوى المعيشة في المنطقة العربية”، مشيرا الى انه “يوجد العديد من الخطوات التي يمكن اتخاذها لسد هذه الفجوة، منها زيادة الاستثمارات الحكومية، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحسين مناخ الأعمال، وتطوير المؤسسات المالية، وتوسيع نطاق التمويل الأصغر… إن سد فجوة التمويل في المنطقة العربية هو أمر هام لضمان تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة، ومن خلال توجيه الفوائض المالية العربية لتعزيز الأمن الغذائي العربي، يمكن فعلاً الحد من الفقر والجوع وتحسين الصحة العامة وتعزيز التنمية الاقتصادية وبناء السلام والأمن في المنطقة العربية”.
وختم الاتربي مجددا “التأكيد أنه عبر التعاون بين المصارف العربية والمستثمرين ورجال الاعمال العرب، يمكننا تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية، ومن خلال توسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المصرفية، يمكن للمصارف العربية المساهمة في تحسين مستوى المعيشة وتعزيز التنمية الاقتصادية في منطقتنا”. وتوجه بالشكر الى المشاركين في الملتقى، آملا “ان تنتهي الجلسات بمجموعة من التوصيات وخطط عمل لتحفيز التمويل المستدام وزيادة التعاون المثمر بين مصارفنا العربية والمستثمرون ورجال الاعمال العرب”.
طربيه
ثم القى الدكتور طربيه كلمة قال فيها: “يسعدني أن أرحّب بكم في بلدكم الثاني لبنان، وفي عاصمته بيروت الصامدة في وجه الأزمات والتحديات، والحريصة كل الحرص على لعب دورها الرائد والعريق في لم الشمل وتعزيز مسيرة العمل العربي المشترك. وها هي اليوم تستضيف هذا الملتقى الهام برعاية كريمة من معالي الأستاذ أمين سلام وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال، تحت عنوان الملتقى العربي الأول للمصارف ورجال الأعمال.”
اضاف: “ان مواضيع الملتقى كثيرة، وتتركّز حول إستراتيجيات وسياسات التمويل في المنطقة العربية، إضافة إلى فجوة التمويل وحاجات قطاعات الأعمال من التمويل، وغيرها من الموضوعات التي تهدف إلى وضع الآليات اللازمة لتعزيز العلاقة بين المصارف وعالم الأعمال، وأهمية تعاونهما معاً، وخاصة في مجالات التمويل والإستثمار، وتفعيل الدور التمويلي للمصارف العربية. وتكمن صعوبة الحصول على التمويل في بعض الدول العربية في عجز بناء علاقة مع المصارف الناشطة في تمويل التجارة، وصعوبة الحصول على اعتراف بجدارة بعض العملاء الائتمانية، او عدم كفاية الضمانات التي يقدمونها، وغيرها من العوامل التي تعزز جدارة العميل للحصول على التمويل”.
اضاف: “وفي الواقع ان المنطقة العربية تعتبر مصدراً صافياً لراس المال الى الخارج. أما تدفقات راس المال الى المنطقة العربية فهي محدودة، وتكاد تكون منعدمة الى البلدان المنخفضة الدخل. وبصورة عامة، تشهد مصادر التمويل في المنطقة العربية تراجعاً، وان كان الأمر يختلف بين الدول الغنية بالنفط، حيث التمويل عادة متوفر، والدول العربية الاخرى، التي تواجه عجوزات في موازناتها، وفشل في جذب الرساميل اليها، ناتجة غالباً عن ضعف البيئة الاستقبالية المحلية، وتعدد القيود التنظيمية، وظروف الوضع السياسي والاقتصادي السائدة. كما تواجه البلدان الغارقة بالصراعات تحديات اكبر لتصاعد الاخطار الجيوسياسية التي تواجهها وعدم اليقين حول المستقبل”.
وتابع: “يدخل في صلب مهام وتطلعات اتحاد المصارف العربية، تعزيز التعاون بين المصارف العربية من جهة، ومؤسسات الاعمال من جهة اخرى، ومناقشة افاق التعاون والتكامل والاضاءة على السياسية التمويلية المطلوبة والخدمات والمنتجات المصرفية التي تحتاج اليها القطاعات الاقتصادية المختلفة. كما يرى اتحاد المصارف، انه على الرغم من صعوبة المرحلة الحاضرة، فان التحولات السياسية الايجابية الجارية على صعيد منطقتنا ككل سوف تترك اثراً كبيراً على الاقتصاد الكلي وعودة تنشيط الاستثمارات المباشرة الوافدة لتفيد منها معظم الدول العربية، بعد تركزها الحالي في الامارات العربية وتركيا ومصر والسعودية”.
وقال: “اسمحوا لي أن أنتهز مناسبة هذا اللقاء لإلقاء الضوء على واقع القطاع المصرفي اللبناني، منذ إندلاع الأزمة الإقتصادية والمالية والمصرفية في خريف 2019، حيث كان القطاع المصرفي اللبناني قبل هذا التاريخ قطاعاً مستقراً ومتيناً، يلعب دوراً محورياً في تحريك عجلة نموّ الإقتصاد الوطني، من خلال مساهمته في نموّ الناتج المحلي الإجمالي، ودعم القطاعات الإقتصادية المختلفة. إضافة إلى مساهمته في إدخال التقنيات المصرفية الحديثة إلى الإقتصاد الوطني، وتنمية الموارد البشرية وتدريبها، وجذب جزء كبير من الأموال المدخّرة والمجمدة خارج القطاع المصرفي، لكي تدخل إلى الدورة الإقتصادية، وتساهم في عملية التنمية الإقتصادية عبر تمويل وتنفيذ مشاريع التنمية الصناعية والزراعية من خلال تأمين القروض اللازمة، سواء قصيرة الأجل أو طويلة الأجل، لإستثمارها في القطاعات الإقتصادية. وقد نجح القطاع المصرفي اللبناني لتأمين حاجات لبنان التمويلية للقطاع الخاص وتمويل الدين العام، كما خضع لاعادة هيكلة، بعد انتهاء الحرب الاهلية عام 1990، من خلال اتمام تنفيذ حركة واسعة للدمج والاستحواذ والتصفية الذاتية، تمت جميعها بدون تعريض اي مصرف للإفلاس أو خسارة اي مودع لوديعته”.
وتابع: “اليوم، لا يزال لبنان يواجه أزمة إقتصادية ومالية ونقدية غير مسبوقة منذ نهاية عام 2019، حيث أدّت تلك الأزمة مترافقة مع إنتشار جائحة كورونا وكذلك انفجار مرفأ بيروت خلال العام 2020، إلى إنكماش حاد في الإقتصاد اللبناني حيث إنخفض الناتج الوطني من نحو 54.9 مليار دولار بنهاية عام 2018 إلى 21.8 مليار دولار بنهاية العام 2022، بحسب صندوق النقد الدولي. وللاسف حتى اليوم لم يحقق لبنان اية انجازات لمعالجة الازمة التي هي من اعقد واخطر الازمات التي تم تسجيلها حول لبنان. وفي حين يبدو ان التعاون مع صندوق النقد الدولي هو حاجة للبنان، وقد وقعت الحكومة اللبنانية اتفاقاً على مستوى الموظفين مع الصندوق، إلا أن هذا الاتفاق لم يقترن بالتنفيذ إلا بصورة محدودة. ويبدو أن هناك ضرورة لعودة النظر به. كما أنه لا يمكن أن نقلل من الصعوبات التي تواجهها خطة الصندوق في لبنان والتي تشمل وصفاته التقليدية او المستحدثة سواء ما كان منها في الغاء السرية المصرفية، وطلب تشريع قانون للكابيتال كونترول وتوحيد وتحرير سعر الصرف وضبط عجز الموازنة العامة وشطب الودائع واعادة هيكلة المصارف وتصفير رساميلها”.
وأوضح انه “في الواقع، لم تكن مسيرة التفاوض مع صندوق النقد الدولي سهلة، واليوم ستصبح أصعب مع وقوع لبنان في مرحلة الفراغ الرئاسي والاشتباك الدستوري الحاصل حول استمرار صلاحية المجلس النيابي في التشريع في ظل تحوله إلى هيئة إنتخابية يقتصر نشاطها على انتخاب رئيس للجمهورية ليكتمل عقد السلطات الدستورية. يضاف إلى ذلك دقة المواضيع المطروحة على المجلس النيابي للتشريع بشأنها والتي تتضمن بنوداً لا سابق لها في لبنان من حيث تعارضها مع الفلسفة الليبرالية السائدة وضمنها اجراء مراجعة على اساسيات الاقتصاد الحر المعتمدة منذ الاستقلال في منتصف القرن الماضي. وتدل مناقشات المجلس النيابي الحالية على وجود مواقف رافضة من معظم الكتل النيابية لما تضمنته خطة التعافي من شطب الودائع، حيث تبدو معظم الاتجاهات النيابية لصالح الحفاظ على ودائع المودعين صغارهم وكذلك كبارهم، وبينهم مؤسسات مصرفية عربية ومستثمرون ومودعون عرب أودعوا أموالا لهم منذ عشرات السنين في المصارف اللبنانية، وكذلك الأمر بالنسبة للمودعين اللبنانيين من مقيمين ومغتربين”.
واضاف: “لم تنجح خطة الصندوق في تحميل القطاع المصرفي منفرداً، المسؤولية المادية والمعنوية للازمة النظامية الضاربة جذورها العميقة في السياسات الاقتصادية والمالية الحكومية، من خلال اعفاء الدولة من التزاماتها المالية تجاه مصرف لبنان، وبالتالي من التزامات هذا الاخير تجاه المصارف والمودعين. ونشير ايضاً، في هذا السياق، ان مجلس شورى الدولة قد قبل شكلاً الشهر الماضي، في قرار صادر عنه، مراجعة الطعن من المصارف في كل قرار تتخذه الحكومة بإعفاء نفسها من رد ودائع العملاء، وكذلك قضى، في قرار آخر، بعد الاجازة للحكومة بالاستدانة او المس بأموال الاحتياطي الالزامي في مصرف لبنان باعتبار ان ملكيته محفوظة للمودعين، مما يعطي الطمأنينة للمجتمع المالي ومجتمع الاعمال في استمرار لبنان في احترام القواعد الدستورية والقانونية التي ترعى عملية الاستثمار في لبنان، ومما يمنع على الدولة التخلي عن تسديد التزاماتها، تجاه المشتثمرين، وكذلك تجاه القطاع المصرفي الذي طالما شكل العمود الفقري للاقتصاد اللبناني، الغني بعلاقاته التاريخية مع النظام المصرفي العالمي، والذي يعتبر الشريان الحيوي الذي يربط لبنان بالمؤسسات المالية الخارجية من عربية ودولية”.
وتابع: “يجب أن لا نغفل أن جزءا مهما من أزمة لبنان يتطلب حلا بالسياسة وليس فقط بالإقتصاد، لذلك يقتضي أن تعود المؤسسات الدستورية إلى عملها ويجري انتخاب رئيس للجمهورية ويعود المجلس النيابي للتشريع من أجل تعزيز ثقة المجتمع الدولي والعربي بلبنان وبمؤسساته.” فالتوتر السياسي يؤثر سلباً على الاقتصاد وتدفقات راس المال، ولا يجب ان يشعر المستثمرون ان البلاد ذاهبة الى مآزق قد تخرج عن السيطرة”.
وأشار “في هذا المجال الى تصاعد الاهتمام الدولي بالازمة اللبنانية، سواء كان ذلك عن طريق اللجنة الخماسية الدولية الساعية الى حل الجمود السياسي وانتخاب رئيس جمهورية للبنان، كما ان اتفاق ترسيم الحدود البحرية، وبدء حفريات الشركات الدولية للاستفادة من الاحتياطات الغازية للبنان المتوقعة في المناطق الاقتصادية البحرية تبشر بغد مشرق للبنان، يواكبه نجاح الموسم السياحي في لبنان هذا الصيف وتدفق اعداد السياح والمغتربين مع ما يتركه ذلك من انعكاسات ايجابية على تعزيز الدخل السياحي وتحسين ميزان المدفوعات، واستعادة الثقة بالميزات التفاضلية التقليدية للبنان”.
الصباح
والقى رئيس لجنة الإستثمار لتعبئة الموارد المالية في إتحاد المصارف العربية رئيس مجلس إدارة بنك الكويت الدولي الشيخ محمد الجراح الصباح، كلمة شكر فيها الوزير سلام والقيادات المصرفية وشركات الأعمال ورجال الأعمال والمشاركين في هذا “الملتقى الهام لتنسيق وتفعيل العلاقة بين المصارف ورجال الأعمال في منطقتنا العربية”.
وقال: “من موقعي كرئيس سابق لإتحاد المصارف العربية، وأرأس حالياً لجنة الإستثمار لتعبئة الموارد المالية في الإتحاد، أؤكّد لهذا الحفل الكريم سعي الإتحاد الدائم لتفعيل العلاقة بين المصارف العربية وبين شركات الأعمال، ورجال الأعمال في منطقتنا العربية، إيماناً منه بأهميّة هذه العلاقة على مستوى النهوض بالإقتصادات العربية، وتحقيق التنمية المستدامة في إطار مسيرة العمل العربي المشترك.
اضاف: “كما تعلمون، ان المصارف العربية تلعب دوراً مهماً وحيوياً في تمويل قطاعات رجال الأعمال في منطقتنا العربية، من خلال سعيها لتوفير التمويل والخدمات المالية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، وهذا في أساس دورها لتعزيز النموّ الاقتصادي وتشجيع ريادة الأعمال في المنطقة، التي تتضمن قطاعات مختلفة مثل التجارة والصناعة والزراعة والعقارات والبناء والتكنولوجيا والسياحة وغيرها، حيث تقدّم المصارف العربية تمويلاً لهذه القطاعات من خلال تقديم القروض والتسهيلات الإئتمانية بما يقارب 3 تريليون دولار”.
وتابع: “وفي هذا المجال، يشكّل إتحاد المصارف العربية، جسر تواصل بين هذه المصارف، وقطاعات الأعمال، وقد عقد اليوم الملتقى الأول في بيروت، للتباحث في إستراتيجيات وسياسات التمويل في المنطقة العربية، وفي مجالات التعاون بين القطاع المصرفي وقطاع الأعمال العربيين. وفي هذا المجال، فإنّ لبنان أمام فرصة هامة لإعادة التوازن إلى قطاعه المصرفي، حيث لمسنا من بعض المصارف العربية إهتمامها بالاستحواذ على بنوك صغيرة لا تعاني كثيراً من مشكلات مادية، وذلك قد يعود على القطاع المصرفي اللبناني بضخ رساميل جديدة تعيد الثقة به، وتحسّن سمعته عربياً ودولياً، وتساهم في دعم الاقتصاد اللبناني، خصوصاً وأنّ لبنان يزخر بالمصارف العربية التي تعمل في إطار قطاعه المصرفي اللبناني”.
وأعلن “اننا في إتحاد المصارف العربية، نعلّق بالغ الأهمية على تحقيق التعاون بين مصارفنا وقطاعات الأعمال، كعامل أساسي في تعزيز الدورة الاقتصادية في مختلف جوانبها، بما يخدم الإقتصادات الوطنية وزيادة الإنتاج وخلق المزيد من الفرص العمل.”
وختم مجددا شكره وتقديره للوزير سلام والحضور “متطلعين أن يكون هذا الملتقى حجر أساس لملتقيات أخرى تفتح المزيد من مجالات التعاون بين قطاعنا المصرفي العربي وكافة القطاعات الإقتصادية. وأنّ يعيد بلدنا الحبيب لبنان، دوره التجاري التاريخي عربياً ودولياً، خصوصاً وأنّ الأشهر القليلة المقبلة ستحمل في طياتها دخوله نادي الدول النفطية، إن شاء الله”.
سلام
ثم كانت كلمة الوزير سلام، التي دعا في مستهلها الى الوقوف لحظة صمت لذكرى ٤ آب وعن روح الشهداء.
وقال: “اهلاً وسهلاً بكم في بلدكم الحبيب لبنان في مدينتكم الغالية بيروت، أهلاً وسهلاً بكم جميعاً في بلد الأرز ولؤلؤة الشرق بلد الحرف وجامعة الشرق، بلد الطب ومستشفى الشرق. بلد الابجدية والفينيقية. بلد الاربعة فصول والاربعين نهرا. اهلاً بكم على ساحل العرب على المتوسط، وقريباً جداً منصّة النفط والغاز في محيط البحر الابيض المتوسط. أهلاً بكم في وطن العرب والعروبة وطن المحبة والجمال والسلام. اهلاً وألف مرحباً بكم في وطننا الغالي لبنان”.
أضاف: “شكراً لحضوركم معنا اليوم هذا المؤتمر الذي ينظّمه اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب ووزارة الاقتصاد والتجارة تحت “عنوان الملتقى العربي الأول للمصارف ورجال الأعمال”، نتشرّف ورغم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمالية التي نمرّ بها على صعيد الوطن، وما نعانيه من تحديات جسام، باستضافة هذا الملتقى في نسخته الأولى، تأكيداً منّا على وحدة الصف العربي وهويتنا وعمقنا العربي، وأهمية التعاون العربي المشترك، وإيماننا بقدرتنا على النهوض واستعادة عافية البلد مجدّداً، وسعينا لتحقيق مستقبل واعد للبنان محلياً وعربياً، وإقليمياً”.
وتابع: “عملياً، أصبحت الشراكة بين القطاعين العام والخاص حاجة ضرورية وملحّة في عصرنا الحالي، مع توفير مناخ استثماري جاذب في البلدان العربية، ومنها لبنان، وإزالة العقبات التي تواجه العمل العربي المشترك من خلال تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وإقامة اتحاد جمركي عربي بما يساهم في تحقيق التكامل، وإزالة العوائق التي تواجهها، إلى جانب إقرار الاتفاقية العربية لاستثمار رؤوس الأموال العربية في المنطقة العربية، مع وضع استراتيجية اقتصادية عربية شاملة يكلف المجلس الاقتصادي والاجتماعي بدراستها، تستهدف الجوانب الاستثمارية والتجارية،
وهنا لا بد من التذكير بأهمية العمل على الإسراع بإنجاز سوق عربية مشتركة والإسراع بالمراحل المطلوبة لذلك وتحقيق التكامل بين اقتصاديات البلدان العربية، والبحث عن الجوانب والمصالح المشتركة”.
وقال: “بالتالي نهدف من خلال هذا اللقاء إلى تعزيز التّعاون المشترك والتّمويل ما بين القطاعات الاقتصاديّة العربيّة، مع التّركيز على القطاع المصرفي والقطاعات التّجاريّة، الزراعية، الصناعية، السياحية وحتى العقارية. أما على الصعيد اللبناني، وفي ظل ما نعانيه من أزمات في القطاعين المالي والمصرفي، لا بد العمل على إعادة الثقة بالقطاع المصرفي من خلال خطة واضحة وممنهجة، باعتباره المموّل الأساسي للاقتصاد، الأمر الذي يتطلب تضافر جهود مكثفة وشجاعة ومسؤولة من قبل القطاعين العام والخاص، لتشجيع واستقطاب الاستثمار العربي، وعودة المغتربين للاستثمار في الداخل باعتبارهم الخزان الاستراتيجي وصمام الأمان الاساسي للنهوض بلبنان، لما يمثلون من قوى اقتصادية ومالية في أقطار العالم كافة وفي كل القطاعات، وعودتهم ستكون اكبر مؤشر على بدء عملية استعادة الثقة”.