لا يخفى على أحد أن الحال التي وصلت إليها أمور الحكم في لبنان مزرية للغاية وخصوصاً في ظل الإذلال البالغ الذي يعانيه معظم اللبنانيين في حياتهم اليومية في مقابل الترف البالغ الذي يعيشه قسم محدود منهم على حساب البقية نتيجة اغتصابهم للسلطة ولموارد الشعب اللبناني العامة والخاصة. ولا شك أن المودعين في مصارف لبنان هم من دفع الثمن الأكبر بحرمانهم من التصرف بمدّخراتهم وجنى حياتهم، حيث لم تؤدِّ كل محاولاتهم وجهودهم إلى نتيجة ملموسة تُذكر حتى الآن، رغم أنها أبقت قضية المودعين حيّة وحاضرة ومنعت تذويبها وهذا إنجاز لا بد وأن يُبنى عليه إن أرد المودعون استعادة ودائعهم بالفعل.
يبقى أن تنتقل جهود تحرير الودائع من محاولات فرديّة محدودة هنا وهناك إلى عمل منسَّق وهادف مبني على تضافر جهود الجميع، وإلا سيستمر الدوران في حلقات مفرغة حتى إزهاق الحقوق. ولذلك فإن الخبر المتداول اليوم ٣٠ آب، “اقتحام مودع وزوجته فرع بنك لبنان والمهجر في الشويفات بواسطة السلاح بهدف الحصول على وديعتهما بالقوة” وما تبعه من “اقتحام بلوم بنك ينتهي حبياً مع توقيع المقتحم التعميم ١٥٨”، يعكس مدى الغضب المشروع المتراكم لدى المودعين بعد التمادي في ظلمهم، لكنه لا يخدم قضيتهم بالشكل الفعّال المطلوب بسبب فقدان المبادرة الجماعية الحقيقية والمؤثّرة حتى الساعة.
من هنا كان انطلاق مبادرة اتحاد المودعين في مصارف لبنان، فالكل يرى ما يحصل من جراء السكوت عن الحق: تعدّيات ونهب بالجملة من الودائع إلى الاتصالات إلى الطاقة وهلمّ جرّا حيث الجناة متّحدون، في مقابل رضوخ وردود خجولة بالمفرّق حيث الضحايا مشرذمون. أوليس الحري بأن يتّحد هؤلاء المظلومون المستضعفون إلى هذا الحد بوجه العتاة من غاصبيهم؟
ومن هنا يأتي تحالف متحدون مرة أخرى ليؤكد على دعوته كافة المودعين إلى التواصل لتنسيق جهود تحرير الودائع دون أي إبطاء، علماً بأن عديدين منهم قد سلكوا هذه الطريق إثر المعطيات الأخيرة المخيّبة الواردة من مصرف لبنان وهم يعدّون العدّة للتحرك بشكل نوعيّ ومختلف هذه المرة دفاعاً عن حقوقهم، على أمل أن تتشابك أيادي المودعين وسائر اللبنانيين في ثورة حرّة مستقلة هادفة قريبة يبدو أن لا خلاص من دونها.