دعاوى إفلاس المصارف تسلك طريقها: آن للقضاء والمركزي أن يقولا كلمتهما
عقدت اليوم ٢٣ تشرين الأول ٢٠٢٣ جلستان أمام المحكمة الابتداية في بيروت، الغرفة الناظرة بقضايا الإفلاس، الأولى برئاسة القاضية ميشال طربيه وعضوية المستشارَين زينة زين وتيدي سلامة في دعوى إعلان التوقف عن الدفع والإفلاس المقدمة من المودع قاسم ياسين ضد مصرف الشركة الجديدة لبنك سوريا ولبنان ممثلاً برئيس مجلس الإدارة رمزي الخوري والمسجلة برقم ٢٠٢٢/٣٥، بحضور المحامي محمد حاطوم من تحالف متحدون عن المودع المدّعي فيما مثّل المحامي سامي صادر المصرف المدّعى عليه والذي رفضت المحكمة طلبه إرجاء الجلسة لتبليغ مصرف لبنان كونه مبلغ أصولاً في جميع اللوائح. وقد اختتمت المحاكمة وتم تحديد ٨ كانون الثاني ٢٠٢٤ موعداً لإصدار الحكم، في تطور بارز قد يحمل خبراً سارّاً للمودعين وينصفهم.
أما الجلسة الثانية فعقدت أمام المحكمة نفسها برئاسة القاضية نتالي الهبر، بعد أن قرّرت القاضية طربيه التنحّي عن الملف، في دعوى المودع ابراهيم شيخ علي من التابعية البريطانية ضد بنك مصر لبنان ممثلاً برئيس مجلس الإدارة محمد الأتربي والمسجلة برقم ٢٠٢٢/٣٤، حيث مثّل المحامي جورج خاطر من التحالف المودع المدّعي والمحامي سليم المعوشي المصرف المدّعى عليه والذي طلب إرجاء الجلسة لمراجعة المصرف المركزي، ما اعترض عليه المدّعي كون مصرف لبنان ليس خصماً في الدعوى وهو مبلّغ أصولاً جميع اللوائح دون أي جواب منه، إلا أن المحكمة استجابت لطلب المصرف وتم إرجاء الجلسة إلى ٨ كانون الأول ٢٠٢٤ لإمهال المدعى عليه لمراجعة المركزي، الذي يؤمل من حاكمه بالإنابة الدكتور وسيم منصوري والحال هذه ترجمة وقوفه إلى جانب المودعين أصحاب الحق.
الجدير ذكره أنه عندما لجأ المودع ياسين الذي يعيل يتامى إخوته إلى محامي التحالف كان يحمل مسدّساً كردّ فعل على انسداد أفق المطالبة بوديعة العائلة لدى المصرف المشار إليه وتعبيراً عن الغضب الذي اعتراه بنتيجة الظلم الواقع عليه منه، فما كان من المحامين إلا أن أشاروا عليه بضرورة سلوك طريق القضاء أولاً والتقدّم بدعوى الإفلاس ذات الصلة ضد المصرف المذكور، ما جرى بالفعل بتاريخ ١٩ تشرين الأول ٢٠٢٢ أي منذ السنة.
لم تكن ظروف المودع شيخ علي أقل قسوة بعد المعاناة التي عاشتها عائلته نتيجة ارتكابات بنك مصر لبنان بحقها. “هل هذا لبنان؟ هل هذا لبنان؟” ظلّ يردد أمام محامي التحالف على إثر لقائه بهم بعد تعرّضه عنوة للخداع وسوء المعاملة التي لا تشبه العمل المصرفي بشيء على يد إدارة المصرف، ما حدا به التقدم بدعوى الإفلاس بتاريخ ١٨ تشرين الأول ٢٠٢٢.
اليوم وأمام الغضب العارم الذي يلفّ المودعين أصبح من الملح جداً أن يقول القضاء والمركزي كلمتهما ترجمة لدورَي رئيس مجلس القضاء الأعلى وحاكم المركزي بالإنابة في السهر على إعمال المحاسبة، إذا ما أريد لجم ارتكابات وتجاوزات المصارف وتحقيق العدالة بحدها الأدنى، فدعاوى الإفلاس تتطلّب إجراءات قضائية تمنح الخصوم هامشاً من الوقت للتفاوض يمكن للمصرف المدّعى عليه خلالها إعادة الوديعة للمودع المدّعي قبل تتابع وتفاقم إجراءات التوقف عن الدفع وإعلان الإفلاس، هذا إذا ما قرّرت المصارف الخروج من حالة الإنكار والتمادي في سلب المودعين حدّ الرقص فوق الجثث والتي يعيشها أصحاب المصارف والقيّمين عليها بشكل يجعلهم يتعالون حتى على مشاركة من يبذخون بمالهم وجنى أعمارهم بجزء منه، في وقت يكاد صبر المودعين أن ينفذ وهم يتحضّرون للأسوأ بعدما تخطّت قضيتهم مجرد الدفاع عن المال المودَع لتصبح قضية دفاع عن النفس والكرامة.