في الحياة، يبحث الانسان العادي عن مثلٍ وقدوةٍ ناجحة ليقلّدها ويتخذها أنموذجا، لعله بذلك يبلغ شيئا من النجاح الذي حققته تلك القدوة. لكن، ليس كلّ انسان ناجح يمكن أن يُتخذ قدوة ومثلا، فبعض النماذج تقتل أيّ فرصة للابداع والابتكار، وربما تقتل الشغف أحيانا، في المقابل هناك نماذج يمكن أن نُصنّفها على أنها “ظواهر”، قد لايكررها التاريخ فهي شاملة ومتجددة ومُتطلبة، لديها نهمٌ دائم للتعلّم والتطوّر والتميّز ونقل العلوم والمعرفة مهما بلغ من مكانة رفيعة.. وهذا ما ينطبق تماما على المفكّر العربي الدكتور طلال أبوغزاله.. والذي شكّل أنموذج لا يكفي أن يتحذي به البعض، بل وأن يُدرّس للطلبة في مدارسهم وجامعاتهم ومعاهدهم.
اطلق مؤسس مجموعة طلال أبوغزاله العالمية كتابا جديدا حول البرمجة التفاعلية المسماة الذكاء الاصطناعي، هذه الثورة التكنولوجية التي تسابق الزمن، حيث تضمن الكتاب (37) مقالا شاملا وضع فيها المفكّر الكبير خلاصة علمه ومعرفته ورؤيته حول هذه الصناعة الجديدة، ليتيح لكلّ طالب وباحث النهل من معين علمه بكلّ سهولة ويُسر.
المتتبع لمسيرة وانجازات وتصريحات الدكتور أبوغزاله، يعلم يقينا أن هذا الكتاب سيشكّل ثروة حقيقية للأفراد والمؤسسات والدول، سيّما ونحن نتحدث عن شخصية تتمتع برؤية ثاقبة مستندة إلى العلم والمعرفة العميقة التي مكّنته من حفر أسمه بحروف من ذهب في المجال التقني وتحقيق العديد من المنجزات فيه، أبوغزاله شخصية شغلت موقع رئيس اللجنة الاستشارية لإدارة الإنترنت في فريق عمل الأمم المتحدة المعني بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات سابقا، ورئيس اتحاد التحضر المستدام (CSU).
اليوم، ومع هذه الثورة التكنولوجية العظيمة، حريّ بدولنا العربية، أن تستفيد مما يطرحه الدكتور أبوغزاله، وذلك من خلال تنشئة جيل يدرس الذكاء الاصطناعي في المرحلة الابتدائية، ولعلّ مقالات مؤسس مجموعة أبوغزاله العالمية خير ما يمكن تضمينه في المناهج الدراسية، لتصبح أداة للمعرفة لاحقا.
يتحدث الدكتور طلال أبوغزاله في كتابه عن السبل التي يمكن أن تنمّي تكنولوجيا البرمجة التفاعلية، والتداعيات الخفية والهائلة التي يمكن أن تخنق تطوير هذه الصناعة وتحدّ من جودتها، وسبل مواجهة التحديات التي قد تعيق هذا التطور وهذه الثورة العلمية.
كما يتناول تأثير هذه التكنولوجيا على السياسة العالمية، وكيف تمكّنت الصين من فرض نفسها كواحدة من الدول الرائدة في تبنّي قطاع التعليم للذكاء الاصطناعي.
الواضح، أننا ولأول مرّة سنكون أمام منتج علمي يختص بالبرمجة التفاعلية، بدأ مؤلفه البحث فيه منذ عام (2002)، وتحديدا عندما التقى بيل جيتس وسأله عن الحقبة القادمة في حياتنا، فكان جواب مؤسس شركة مايكروسوفت أننا متجهون نحو عصر البرمجة التفاعلية ، ويبدو أن حسّ طالب العلم -كما يصف نفسه دائما- قد تحرّك حينها لدى طلال أبو غزالة، فبدأ البحث في ماهية هذه التكنولوجيا والابحار في علومها لتتشكّل لديه المعرفة الكاملة حول هذه الصناعة.