المطران ابراهيم احتفل بقداس ليلة الميلاد في سيدة النجاة:
نسأل طفل المغارة ان يجعل ايامنا مليئة بالسلام والمحبة
احتفل رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم بصلاة الغروب وقداس ليلة الميلاد المجيد في كاتدرائية سيدة النجاة بمشاركة لفيف الإكليروس وحضور المؤمنين.
بعد الإنجيل المقدس كان للمطران ابراهيم عظة تحدث فيها عن معاني الميلاد فقال :
” تجمّعنا في هذه الليلة الخاصة للإحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح، وهي مناسبة تجلب لنا السرور والبهجة. عيد الميلاد هو عيد الفرح وعيد السلام، هو عيد العودة الى الذات في طريق الهدوء والتأمل. انها ليلة تذكرنا بعظمة سر التجسد، حينما تجسد الكلمة الإلهية وصار جسداً بيننا. اختار ان يسلك طريقاً مخلتفة عن طريق الناس، فنزل من علياء سمائه وحلّ بيننا انساناً مثلنا. ان هذا السر يذكرنا بأن الله ليس بعيداً عنا، بل هو قريب وملازم لنا في كل اوقات حياتنا.”
واضاف” العهد القديم هو عهد الله المتعالي، هو عهد الله البعيد الذي لا يعرف مآسي شعبه، لا بل لا يلامسها، لكن العهد الجديد قد بدأ وصار الله واحداً منا، عمانوئيل الذي معناه الله معنا. في هذا الزمن الصعب الذي تعيشه أرض المسيح ويعيشه وطننا الحبيب لبنان، نجد ان سر التجسد يأخذ معنى خاص. انه تذكير بأن الله يشاركنا في معاناتنا وصعوباتنا، وانه دائماً معنا في اللحظات الصعبة. منذ ولادته وهو يعيش معنا هذه اللحظات الصعبة، وقد اضطر نفسه ان يذهب الى مصر ليختبئ من ظلم هيرودس. واذا نظرنا في عائلاتنا واقاربنا والأجيال التي سبقتنا نرى كم ان هناك اناس اضطروا الى ترك هذه الأرض الطيبة ليكونوا بمنأى عن ظلم هيرودس. علينا ان نصمد في الإيمان رغم كل التحديات التي نواجهها. اكثر من الفي عام مرّوا وبقي المسيحيون خميرة وملح في هذه الأرض المقدسة، في هذا الشرق لأن الإيمان هو الضوء الذي انار دروبهم في الظلام، والثقة بأن الله سيسهل لنا الطريق ويجعل الخير في انتظارنا، يجعلنا نتقبل الحياة في السراديب كما كان المسيحيون الأوائل يختبئون من ظلم الرومان، هذا الظلم كان وبقي وسيبقى لأن تغيير حياتنا هو الأهم، ان نصير نحن من الذين لا يظلمون مهما اضطرتنا الظروف، نتمنى الا نكون بين الظالمين ولا بين المظلومين، ان نعيش في هذا الوطن بكرامتنا التي اعطنا اياها الله مجاناً، وكل يوم يحاولون سلبنا اياها. “
وتابع ابراهيم” لقد شهدنا في مدينة زحلة والبقاع طريقة فريدة وجميلة للإحتفال بعيد الميلاد، حيث اقيمت القرى الميلادية والمعارض التي هدفت الى نشر الفرح والمحبة. تحدّينا الظروف واعلنا للعالم بأننا شعب لا يموت ولا ينكسر. زينة شجرة واحد في احد البلدان بلغت قيمتها ما يساوي زينةلبنان كلّه، لكن ما نفع الزينة اذا لم يكن هناك شعب مؤمن. كرامتنا وقوتنا تكمن في اننا ما زلنا شعب مؤمن، يؤمن ان في الضعف تكمن القوة، في الضعف تسكن الكرامة، في الفقر يسكن الكِبَر والعظمة. اتينا هذه السنة شيباً وشباباً واطفالاً نفرح عكس الحزن الذي يحاول أن يأسرنا ويهيمن علينا من كل الجهات. أقمنا الصلوات والقداديس والأمسيات الروحية وريسيتالات التسبيح والإنشاد وتوزيع الهدايا المجانية والضيافة والمسرحيات الميلادية والمعارض. تلك النشاطات تذكرنا بأهمية العمل الخيري ومشاركة المحبة مع الآخرين. فالميلاد قبل كل شيء هو عمل محبة وهو عمل خيري، يد الله امتدت من السماء وتجسد الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس وصار انساناً مثلنا.
ان الهدايا والزينة تعكس روح العطاء والتفاني التي ينبغي ان نتحلى بها طوال العام، وليس فقط في موسم الأعياد. كل ذلك فعلناه ليس لمجد ذاتي بل تمجيداً ليسوع المسيح.
لنكن مثالاً للإيمان والصمود في وجه الصعاب، وليتعلم العالم المستقر والغني، المدّعي الحضارة كيف يكون الميلاد وكيف يعيّده الناس المؤمنون. الله معنا، يتهم بأمورنا. ان هذا هو الطريق الحقيقي للإحتفال بعيد الميلاد، بأن نكون مصدراً للنور والأمل في حياة الآخرين. نحن ايضاً نستطيع ان نصير مغارة تتنقل على رجلين، مغارة فيها القلب مزوداً يولد فيه المسيح ليس لنا فقط بل لكل الناس “
وختم ” ادعو الله ان يمنحنا جميعاً القوة والصبر لمواجهة التحديات والثبات في الإيمان، ونسأله ان يجعل ايامنا مليئة بالسلام والمحبة وان يبعد عنا روح الكبرياء والإيمان المزيف ، وان يحمي وطننا لبنان من كل مكروه آتٍ من الداخل او من الخارج.
كل عام وانتم بخير، عيد ميلاد مجيد وسعيد للجميع.”
وفي نهاية القداس اقيم زيّاح نقل فيه الطفل الى المغارة وسط الصلوات والترانيم.