حاصباني في مناقشة الموازنة: لإنقاذ المواطن الملتزم والاقتصاد الشرعي وإعادة انتظام العمل في المؤسسات بدءاً بانتخاب رئيسٍ للجمهورية
توقف نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب غسان حاصباني في كلمته خلال جلسة مناقشة الموازنة أمام ما يُحكى عن جدوى مشاركة تكتل “الجمهورية القوية” بنقاش الموازنة ومن ثمّ اختيار التصويت أو عدمه على إقرارها، فرأى أن الأمر يستوجب منه التوضيح إذ يبدو انه شكّل هاجساً للبعض وقال: “مع إلتزامنا بأولوية إنتخاب رئيس للجمهورية وعدم تطبيع التشريع في غيابه، فالمادة 32 من الدستور توجب علينا في العقد الثاني للمجلس ان نبحث بالموازنة ونصوّت عليها قبل أي عمل آخر. كما أن المادة 83 تنصّ ان مجلس النواب يقترع على الموازنة بنداً بنداً. لذا حق كل نائب النقاش ومن ثم التصويت مع أو ضد”ّ.
كما أشار الى أن الموازنة أُرسلت من الحكومة ضمن المهلة الدستورية وهي تندرج في صميم عملها حتى في تصريف الاعمال، معتبراً أنه يتوجّب على “المجلس” مناقشتها والتصويت عليها ومؤكّداً أن ما نُعت “بالبهلوانات السياسية” ليس بممارسة حق التصويت أو عدمه بل بتقديم هرطقات دستورية عبر اقتراح قانون منفصل للموازنة من خارج مجلس الوزراء، الذي يتعارض مع مبدأ فصل السلطات.
كذلك ذكّر أنه عند مناقشة موازنتي 2022 و2023، أكدت الحكومة من خلال رئيسها ووزير المال ان موازنة عام 2024 ستكون هي الموازنة الإصلاحية إلا أن هذه الموازنة وفق ما جاءت من الحكومة كانت بعيدة كلّ البعد عن الإصلاح، مضيفاً: “من الواضح أن هدفها الأساسي هو تقليص العجز على الورق، وتحميل المواطن عبء العجز. فهي استندت الى ضرائب جديدة والى رفع الإيرادات الضريبية من الصحن عينه، أي من الاقتصاد الشرعي والمواطن الملتزم ضريبياً تاركة شريحة كبيرة خارج هذه المعادلة وهي الاقتصاد غير الشرعي. فحجم القطاع الخاص غير الشرعي يشكل 60% من الاقتصاد ككل. أما الاقتصاد النقدي فأصبح يشكل أكثر من 46% من الناتج المحلّي بحسب البنك الدولي وهذا يساهم بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد غير الشرعي”.
حاصباني إعتبر أن “بين الكاش، التهرّب والتهريب وعدم وجود إصلاحات في القطاع العام لا يمكن وضع موازنة تستند الى توسيع الإيرادات الضريبية التي تحصّل فقط من الاقتصاد الشرعي، قبل اجراء إصلاحات شاملة”. تابع: “في المقابل:
• لم نر أي إصلاحات في القطاع العام لتمكين الدولة من تعزيز عائداتها وإدارة نفقاتها.
• شركات ومؤسسات وأصول منتجة مملوكة من الدولة ما زالت لا تعمل بكامل قدراتها.
• تسرب العائدات على الحدود والمعابر الشرعية وغير الشرعية ما زال قائماً.
ومن بعض الأمثلة على ذلك:
أ- سجّلت الصين في عام 2018 صادرات الى لبنان بقيمة 4 مليار دولار بينما سجّل لبنان رسمياًّ 2 مليار استيراد من الصين.
ب- مرفأ بيروت ما زال يحقّق جزءاً بسيطاً من قدرته الكاملة، ونعلم ان معالي وزير الأشغال وضع تصوّراً لإدارة أفضل، لكن الحكومة لم تعمل على درس الموضوع بعد.
كلها فرص تمويل للدولة مهدورة.
• هناك 600 ألف مشترك في شبكات الانترنت غير شرعية بحسب وزير الاتصالات”.
بناء على ما تقدّم، أكد حاصباني أن “ليس من المقبول ان تمرّ هذه الموازنة كأداة للاستمرار بإضاعة الفرص في القطاع العام والتفلّت في الاقتصاد غير الشرعي على حساب المواطن الملتزم والاقتصاد الشرعي”.
حاصباني الذي أشار الى انه من المعلوم ان الحكومة هي حكومة تصريف أعمال، لكن إن لم تتمكّن من تعيين او تفعيل الهيئات الناظمة والاصلاحية حالياً – منها: هيئة الشراء العام، المجلس الأعلى للخصخصة والشراكة، الهيئة الناظمة للاتصالات، الهيئة الناظمة للكهرباء – لكن بإمكانها اليوم على الأكيد القيام بخطوات إصلاحية عملية ضمن نطاق عملها.
تابع: “كنا نتوقّع أقلّه خطوات عملية على نحو:
• ضبط الجمارك والتهرّب الجمركي بالربط الالكتروني مع المصدر ورقابة أفضل على المداخل الشرعية.
• إدارة أصول الدولة وشركاتها بشكل أكثر فعالية لتأمين واردات أعلى بدل الإيرادات الضريبية.
• ضبط الحدود ووقف التهريب.
• تعزيز الجباية الضريبية في وزارة المال وتوسيعها.
تلك هي امثلة عن خطوات يجب أن تحصل قبل زيادة أي ضرائب جديد”.
لذلك حرصنا من خلال نقاشاتنا وتعديلاتنا في لجنة المال والموازنة أن نرفض الضرائب والرسوم الجديدة وأن نضع ضوابط على الضرائب الحالية كي لا نحمّل المواطن أعباء إضافية على أعباء الأزمة القائمة”.
كما أشار حاصباني الى انه يجب إنصاف موظّف القطاع العام المنتج والملتزم وإعادة النظر بما هو حقّ له من رواتب ومخصصات ونهاية خدمة، لكن بعد إجراء الإصلاحات اللازمة كي لا نقع بكلفة عالية للقطاع العام وغير مبرّرة بإنتاجية ونعيد تكرار الأزمة واغراق الخزينة بالعجز.
حاصباني تمنى على المجلس ان يؤكّد هذه المقاربة من خلال مناقشة المواد القانونية المعدلة والتصويت عليها مادة مادة و تكتل “الجمهورية القوية” أساساً مشارك في الجلسة لهذا السبب، مضيفاً: “كنا قد وُعدنا السنة الماضية بموازنة “إصلاحية” فها نحن اليوم أمام موازنة “لا إصلاحية” لا بل موازنة تساهم في تدمير ما تبقى من الاقتصاد الشرعي لمصلحة اللاشرعي على أمل سحب ما تبقّى من قيمة اقتصادية لتغذية خزينة عاجزة عن تغطية عجزها. لا يمكن ان نعتبر ان عجز صفر في الموازنة هو انجاز. ربما تمّ تصفير العجز المالي على الورق، لكن العجز الإصلاحي والسياسي والإداري كبير:
• عجز الحكومة برصد اعتمادات لتمويل الإدارات المعنية بالإصلاح والرقابة.
• عجز الحكومة بتأمين استقلالية القضاء.
• عجز الحكومة بفتح الدوائر العقارية.
• عجز الحكومة بتمويل وإدارة شبكات الأمان الاجتماعي والصحة والناس تفتقد للأدوية وتغطية الاستشفاء.
• عجز بإصلاح وتعزيز مداخيل المؤسسات المنتجة مثل الكهرباء والاتصالات والمطار والمرافئ .
• عجز الحكومة حتى عن اتخاذ قرار الحرب والسلم وبسط سلطة الدولة على حدودها وأراضيها”.
تابع حاصباني: “نحن أمام محاولة تغطية عجز الحكومة في إدارة البلد والقيام بعملها وليس عجز الموازنة. لذلك، وبناء على ما تقدم، أدعو الزملاء الكرام الى الإصرار على إنقاذ المواطن الملتزم والاقتصاد الشرعي بالحفاظ على صيغة لجنة المال والموازنة المطروحة اليوم امام المجلس، مع التحفّظ الكامل على بعض الأمور منها:
• عدم وجود قطع حساب وعدم وجود شفافية ووضوح حول إنفاق الحكومة الفعلي والسلف التي تخلق موازنة رديفة.
• وإضافة المادة 95 خلافاً لرأينا والدستور والتي تجيز استثنائياً نشر الموازنة من دون قطع حساب.
• إضافة لبعض رواسب فرسان موازنة وتعديلات”.
ختم حاصباني: “يبقى الأساس، إعادة انتظام العمل في المؤسسات بدءاً بانتخاب رئيسٍ للجمهورية وتشكيل حكومة قادرة على إجراء إصلاحات فعلية وعدم تحميل المواطن كلفة عجزها. حكومة قادرة على نيل ثقة الشعب وهذا المجلس، حكومة قادرة على اتخاذ قرارات جريئة وبسط سلطة الدولة على أموالها وأراضيها”.