الجامعة الأميركية في بيروت ومبادرة غزة الصحية عقدتا مؤتمر “العدالة لغزة” الدولي الثاني
مؤتمر “العدالة لغزة” الدولي الثاني عُقد في الجامعة الأميركية في بيروت يومي 20 و21 حزيران الجاري، بهدف التعامل مع تحدّيات تطبيق القانون الدولي في مجالات الصحة والتعليم والمجتمع المدني في غزة.
ومع التركيز على غزة في جميع مداولاته، هدف المؤتمر إلى حماية القطاع الصحي وإعادة بنائه، وحماية وتأمين مستقبل التعليم والمؤسّسات الأكاديمية، وتعزيز الجهود القانونية لاستعادة السلام والإنصاف وحقوق الإنسان، ومعالجة الأثر الإنساني والاجتماعي والمدني للحرب، واستكشاف دور وسائل الإعلام الرئيسية ووسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل المرويّات المتداولة.
المؤتمر الذي نظّمته الجامعة الأميركية في بيروت ومبادرة غزة الصحية، طوّر العمل المنجز خلال المؤتمر الدولي الأول حول إعادة بناء القطاع الصحي في غزة الذي عقد في عمان في السابع والثامن من شهر شباط من هذا العام.
وشاركت في مداولات وندوات مؤتمر “العدالة لغزة” الدولي الثاني مجموعة من المهنيين البارزين المتميّزين من مختلف المجالات منهم الممارسين الصحيّين والأكاديميّين والخبراء القانونيّين والإعلاميّين والمدافعين عن حقوق الإنسان لدعم إنفاذ القانون الدولي في غزة. وقد كرّس العديد من هؤلاء الخبراء سنوات من الخدمة لغزة في التعليم والرعاية الصحية وحقوق الإنسان وغيرها من القطاعات الحيوية، وقدّموا مساهمات كبيرة في مجالات اختصاصهم في فلسطين والمنطقة والعالم.
ومن بين المشاركين البارزين الذين كان لخبراتهم ورؤاهم دور فعال في قيادة المداولات الدكتور غسان أبو ستة، رئيس جامعة غلاسكو، ورئيس قسم الجراحة التجميلية والترميمية في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت ومؤسس برنامج طب النزاعات في الجامعة؛ والسفير عمّار حجازي، رئيس الوفد الفلسطيني لدى محكمة العدل الدولية؛ والدكتورة مي الكيلة، وزيرة الصحة السابقة في فلسطين؛ والأميرة دينا مرعد، الرئيسة الفخرية للمنظمة الأوروبية لأبحاث وعلاج السرطان؛ والدكتور مهنّد العكلوك، سفير فلسطين لدى جامعة الدول العربية؛ والدكتور مصطفى البرغوثي، القائد الفكري السياسي والدبلوماسي الفلسطيني؛ والدكتور حسام زملط، سفير فلسطين لدى بريطانيا.
اليوم الأول
في الجلسة الافتتاحية تكلّم الدكتور فضلو خوري، رئيس الجامعة الأميركية في بيروت والرئيس المشارك لمبادرة غزة الصحية. كما تكلّم الدكتور عمر لطوف، أستاذ الجراحة في كلية الطب بجامعة إيموري ورئيس مبادرة غزة الصحية، والدكتور فوزي الحمّوري، الرئيس السابق لجمعية المستشفيات الخاصة في الاردن والرئيس المشارك لمبادرة غزة الصحية.
كما شهد اليوم الأول من المؤتمر كلمة رئيسية للدكتور نسيم طالب، أستاذ هندسة المخاطر في جامعة نيويورك. وكذلك شهد خطاباً رئيسياً لهويدا عرّاف، محامية حقوق الإنسان والحقوق المدنية، ومؤسِّسة مشاركة لحركة التضامن الدولية، ومنظِّمة أسطول الحرية لغزة. كما تكلم الدكتور منير البرش، مدير عام المستشفيات في قطاع غزة. وتكلم الدكتور مهدي منصور، وهو أستاذ مشارك في الفيزياء وشاعر وكاتب.
الجلسات الحوارية بدأت بجلسة بعنوان “حقوق الإنسان تحت الحصار: الوصول إلى العناية الصحية أثناء الكوارث.” وقد بحثت هذه الجلسة في استراتيجيات إعادة بناء البنية التحتية للعناية الصحية في غزة وسط النقص الحاد والمرافق المتضررة. واستكشف المتحدثون الأساليب المبتكرة لتثمير الموارد المتوافرة، بما في ذلك أنظمة العناية الصحية البديلة، لتوفير الوصول العادل إلى العناية الصحية للسكان النازحين في غزة. كما سلّط الحوارُ الضوءَ على دور منظمات الإغاثة الطبية الدولية. وقيّمت الجلسة أثر النزاع على صحة المرأة وحقوق الإنسان.
وفي الجلسة التي حملت العنوان: “إعادة بناء البنية التحتية للتعليم الصحي في غزة،” نوقشت التحدّيات الهائلة التي تواجه مؤسّسات التثقيف الصحي في غزة. كما تمحورت المناقشات حول تأثير الدمار على تعليم العناية الصحية التقليدي واقترحت حلولا مبتكرة مثل منصات التعلم عبر الإنترنت والتدريب القائم على المحاكاة لتجديد المعارف. كما بحثت الجلسة إمكانية إنشاء جامعات افتراضية في غزة، مؤكّدة على ضرورة التعاون الدولي لدعم جامعات غزة المحاصرة، بما يضمن استمرارها في خدمة مجتمعاتها حالما سمحت الظروف بذلك.
جلسة “الحرب في غزة والصدمات عبر الأجيال” بحثت في العواقب الطويلة المدى للنزاع على سكان غزة. وتناولت الآثار الفورية وعلى المدى الطويل وبين الأجيال، وناقشت أهمية المبادرات المحلية في الحفاظ على التراث والذكريات مع تعزيز بيئة صحية ومستدامة. وشدّد المتحدثون على الحاجة إلى إدارة المسائل الصحية الحادة، والسيطرة على الأمراض المزمنة، وخاصة السرطان، والتخفيف من تأثير الحرب على الأجيال القادمة.
أما الجلسة التي حملت العنوان “توسيع إطار القانون: إعادة النظر في غزة والقانون الدولي بعد 7 تشرين الأول،” فبحثت في القيود التي تفرضها أطر القانون الدولي في إنهاء الاحتلال وتحقيق حق تقرير المصير للفلسطينيين. واستعرضت الجلسة التطوّرات الدولية الأخيرة، بما في ذلك جهود الاستنفار في المحاكم الدولية وإصدار مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي. وناقش المتحدّثون كيف يمكن الاستفادة من القانون الدولي لتحقيق العدالة والمساءلة.
جلسة “متطلبات التمويل المرحلي” ركّزت على تعقيدات إيصال المساعدات إلى غزة، والتصدّي للتحديات في تقديم المساعدات الأساسية مثل الغذاء والمأوى ومعدات العناية الصحية والمساعدات المالية. واستكشفت الجلسة استراتيجيات بناء بنية تحتية مالية مستدامة واستعادة النظام البنكي، مع التركيز على الدور الحاسم للدعم الدولي ومساهمات المانحين في تلبية احتياجات غزة الطارئة.
وانتهى اليوم الأول من المؤتمر بعشاء لجمع التبرعات وحشد الدعم للجهود المستمرة.
اليوم الثاني
بدأ اليوم الثاني للمؤتمر بجلسة عنوانها “عندما يصبح القانون هو السلاح،” وفيها استُكشفت الاستراتيجيات الحديثة لتمتين القوانين ضد المدافعين عن حقوق الإنسان ومؤسّسات القانون الدولي. وسلطت الجلسة الضوء على الأساليب التخريبية المستخدمة لإسكات الناشطين في المجال الإنساني ودور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في هذا السياق.
ثم تناولت جلسة “أزمة الصحة العامة” التحدّيات المتعدّدة الأوجه لاستعادة أنظمة الصحة العامة في غزة، من الاحتياجات الطبية الآنية إلى إعادة تجهيز البنى التحتية ومنع تفشي الأمراض. وناقشت الجلسة آليات الوقاية من الأمراض، وممارسات النظافة، وأهمية دعم الصحة النفسية.
جلسة “المجاعات المصطنعة والأثر الطويل الأجل لتجويع الأطفال في غزة” حلّلت استخدام الجوع كأداة استراتيجية في النزاع، مع التركيز على العواقب الوخيمة على الأطفال والفئات الضعيفة. واستكشفت الجلسة الآثار الأخلاقية والعواقب على حقوق الإنسان الناجمة عن الحرمان المنهجي من الغذاء وتدمير البُنى التحتيّة الزراعية.
والجلسة التالية حملت عنوان “أزمة الأيتام في غزة: كيف سيعالج العالم هذه المشكلة المزعجة؟” وتناولت الحجم غير المسبوق لليُتم في غزة، وناقشت مسؤولية المجتمع العالمي في تقديم الدعم والحلول. وهدفت الجلسة إلى تعزيز الحوار والعمل لتلبية الاحتياجات الملحة لأطفال غزة الأيتام.
وفي الجلسة التالية، بعنوان “التغطية الإعلامية والخسائر في الأرواح البشرية”، قيّم المشاركون المخاطر والتحدّيات التي يواجهها الصحفيون في غزة، بما في ذلك الرقابة والترهيب والأذى الجسدي. وروى المتحدثون بتأثّر تجاربهم الشخصية مع مقتل أكثر من 150 من زملائهم الصحفيين، والعديد من أحبائهم. وحلّلت الجلسة بشكل نقدي دور وسائل الإعلام الغربية في تشويه الصورة العامة وإخفاق العديد من وسائل الإعلام الغربية بتطبيق الممارسات الصحفية الأخلاقية.
وحدّدت الجلسة الختامية للمؤتمر خطتين طليعيتين هامتين. الخطة الأولى ركّزت على اتفاق مبدئي لترسيخ أنشطة الصحة والتعليم في الجامعة الأميركية في بيروت. والثانية انطوت على إطلاق تحالف دولي للتثقيف الصحي لدعم نظام التثقيف الصحي والخدمات الصحية في غزة. كذلك، شدّد المشاركون على الحاجة الملحة للتعاون الدولي والحلول المبتكرة والإجراءات الفورية لمواجهة التحدّيات التي تواجه الصحة والتعليم والمجتمع المدني في غزة.