ثورة 23 يوليو هي ثورة للأمة كلها من المحيط الى الخليج، وتأثيرها الأكاديمي والدستوري والقانوني ظهر بوضوح، بعضه ما زال وتطور، وبعضه اختفى لعوامل مختلفة ظاهرة للعيان.
إن المبادئ الستة التي أعلنتها الثورة كانت أصيلة وجذرية وشاملة، وذلك في القضاء على الاستعمار وأعوانه من الخونة، فنجحت في ذلك الى حد كبير، وترافق ذلك على المستوى الوطني القضاء على الإقطاع والاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم، كما وإقامة العدالة الاجتماعية، وحياة ديمقراطية سليمة، وجيش وطني قوي، وهذه المبادئ الستة حملها وعمل لها الزعيم الخالد جمال عبد الناصر بكل قوة وإصرار وقد أحدثت تغييرات في بنى الجمهورية.
ومن اجل ذلك قامت قوى الاستعمار الأميركي والبريطاني والصهيوني بالاعتداء على مصر عام 1956 محاولة منها لتعطيل التوجه الوطني والعربي والعالمي والقضاء عليه وقد فشلت في ذلك بسبب حجم الالتفاف الشعبي الوطني والعربي واحترام قوى عالمية متحررة لمسيرة القائد جمال عبد الناصر.
استمرت المؤامرات على الأمة العربية لوضع اليد على ثرواتها ولتجنيد عملاء للخدمات الاستعمارية في كل الاتجاهات عشناها من تاريخ غياب القائد حتى الساعة.
مما دعا كوكبة من المفكرين العرب الوطنيين العروبيين الى الاجتماع في ندوات ومؤتمرات في عدة دول عربية بدعوة من الراحل الكبير الدكتور خير الدين حسيب رئيس مركز دراسات الوحدة العربية طيب الله ثراه، الذي أعلن في مؤتمر صحفي في 22/شباط/2010 في عيد الوحدة العربية مع المناضل العروبي معن بشور الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي والدكتور عبد الاله بلقزير (المغرب) الذي نال مؤخراً جائزة رمز الثقافة العربية من المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم (الكسو). هذا المؤتمر الذي عقد في فندق البريستول في بيروت أعلنوا من خلاله نتائج تلك الندوات والمناقشات، والتي استغرقت أكثر من خمس سنوات وتوصلت الى ستة عناوين للمشروع النهضوي العربي وهي:
- الوحدة العربية.
- الاستقلال الوطني والقومي.
- الديمقراطية.
- العدالة الاجتماعية.
- التنمية المستقلة.
- التجدد الحضاري.
وهنا يطرح السؤال التالي ماذا عملت وقدمت القوى الحية في المجتمع العربي لكل عنوان من هذه العناوين، أي كشف حساب واضح للامة ومن خلاله يعرف أين نحن وما تحقق وما سيتحقق من هذا المشروع.
الجواب على هذا السؤال سلبي للأسف حيث بقي صوت المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي، ولجنة المتابعة للمؤتمر العربي العام دون صدى لدى الأحزاب والاتحادات والنقابات والمنظمات العربية التي كان عليها أن تعلن حالة طوارئ يومية من قبل ومن بعد إعلان المشروع النهضوي كي تنقذ الأمة من المصائب التي أصابتها على مر العقود.
من اجل ذلك كله على هذه القوى الحية أن تلتقي فيما بينها لتأخذ دورها الطبيعي في تحقيق المشروع النهضوي، ماذا تنتظر الأحزاب العربية للمساهمة في ذلك، ومثلها الاتحادات العربية المهنية وسواها، وكذلك النقابات العربية التي تشكل مجموعها ضمير الأمة، إن وسائل الاتصالات الحديثة توفر الفرصة التي على الجميع الاستفادة منها لتوحيد الجهود لتحقيق المشروع المنشود، إني أرى أن هناك واجباً على كل القواعد التي تتشكل منها هذه التنظيمات الضغط على قياداتها لتفعيل العمل بالعناوين التي طرحها المشروع، ولو أن الأمر متأخراً أفضل من ألاّ يحصل.
وفي مناسبة ثورة 23 يوليو لا بد أن ندعو كل التنظيمات الناصرية أن تكون السبّاقة في أن تتوحد لتكون قطب الرحى في حمل المشروع النهضوي العربي الى جانب القوى المناضلة لشعبها.
المهم ليبتعد الجميع عن الشخصانية،
العمل المشترك هو الأساس،
مصالح الأمة هي الأعلى،
والقضاء على أعداء الأمة هي المهمة،
والمشروع النهضوي العربي هو الهدف.
وفي هذا يتحقق أيضاً إزالة الكيان الصهيوني عن أرضنا في فلسطين.
* الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب
بيروت في 22/7/2024