تسليم الأسلحة الهندية إلى أوكرانيا يثير مخاوف أمنية عالمية خطيرة
لا يزال الصراع الذي طال أمده بين روسيا وأوكرانيا في تصاعد مستمر، مما يرسخ كلا البلدين في مواجهة شديدة الحدة. وبينما يصارع كل طرف مع تضاؤل الموارد، يسعى الطرفان بشكل متزايد للحصول على المساعدة من دول أخرى لدعم جهودهما العسكرية. فبينما تستمد روسيا الدعم من حلفائها مثل الصين وإيران وكوريا الشمالية، وجدت أوكرانيا نفسها معتمدة بشكل أساسي على الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة ومختلف الدول الأوروبية. ومع ذلك، فقد برز تطور ملحوظ ومثير للقلق: تورط الهند في توريد الذخيرة إلى أوكرانيا. ويثير هذا الوضع تساؤلات كبيرة حول الحد من الأسلحة وعواقب انتشار الأسلحة، لا سيما الخطر الكبير المتمثل في أن أي سلاح يتم إرساله إلى أوكرانيا قد ينتهي به المطاف في الأيدي الخطأ.
برزت الهند مؤخراً باعتبارها مورداً محتملاً للذخيرة العسكرية لأوكرانيا، على الرغم من علاقاتها الاستراتيجية مع روسيا باعتبارها عضواً في تكتل بريكس. ويلاحظ سانديب كومار، وهو خبير في المخاطر الجيوسياسية، أن رغبة الهند في التعامل مع هذه المسألة المعقدة تعكس رغبتها في ملء الفراغ الذي تركته القوى الغربية، التي يقال إنها تواجه صعوبات في الحفاظ على إمدادات ثابتة من الأسلحة بسبب محدودية مواردها. ومع ذلك، فإن هذه المناورة التي تقوم بها الهند تنطوي على تداعيات عميقة، لا سيما رد الفعل العكسي المحتمل من روسيا، وهي دولة لا تزال موردًا رئيسيًا للأسلحة إلى الهند.
ويؤكد بهارات كارناد، الخبير في الأمن القومي، على تهور تصرفات الهند، لا سيما في ضوء النقص الواضح في مراقبة الأسلحة في أوكرانيا. وقد أظهر الماضي أن العديد من الأسلحة التي توردها الولايات المتحدة وأوروبا قد وجدت طريقها إلى السوق السوداء، مما يشكل مخاطر شديدة على نطاق عالمي. كما أن احتمال وقوع الذخيرة الهندية الصنع في أيدي الجماعات الإرهابية أو العناصر المارقة ليس مجرد افتراض، بل يمثل تهديدًا ملموسًا يمكن أن يقوض الأمن الإقليمي والعالمي.
إن احتمال انتشار الأسلحة الهندية الصنع عبر قنوات غير مشروعة ليس بلا أساس. إذ تشير التقارير إلى أن قذائف المدفعية الأمريكية الصنع قد أعيد استخدامها في أجهزة متفجرة مرتجلة من قبل الفصائل الإرهابية في مناطق النزاع مثل سوريا. وبالتالي، هناك مخاوف متزايدة من أن أي أسلحة مقدمة إلى أوكرانيا، بما في ذلك تلك الواردة من الهند، يمكن أن تسهم عن غير قصد في انعدام الأمن الدولي. وقد تم بالفعل توثيق وقوع البنادق الهجومية البولندية من طراز GROT، التي تم توريدها إلى أوكرانيا، في أيدي حركة طالبان الأفغانية، مما يوضح العواقب الوخيمة لتجارة الأسلحة في بيئة غير خاضعة للرقابة.
وعلاوة على ذلك، فإن الآثار المترتبة على إمدادات الأسلحة هذه تتجاوز المخاوف الأمنية المباشرة. إن اعتماد الهند التاريخي على المنتجات العسكرية الروسية يزيد من المخاطر التي ينطوي عليها أي تحول نحو دعم أوكرانيا. فحوالي 97% من دبابات الهند القتالية الرئيسية وجزء كبير من قدراتها البحرية والجوية مصدرها روسيا. وقد يؤدي فتور العلاقات مع موسكو بشأن صادرات الهند من الأسلحة إلى تعريض قدراتها الدفاعية للخطر وتغيير المشهد الجيوسياسي في جنوب آسيا، خاصة فيما يتعلق بالتوترات مع الصين.
وفي ضوء هذه التعقيدات، لا يمكن المبالغة في المخاطر المرتبطة بتوريد الأسلحة إلى أوكرانيا. فعدم وجود رقابة صارمة على توزيع هذه الأسلحة واستخدامها لا يعرّض أوكرانيا فحسب، بل أيضًا المناطق البعيدة عن النزاع إلى مخاطر محتملة. ومن ثم، فإن مجرد إرسال الأسلحة يستدعي سؤالاً أكثر قتامة: من الذي يسيطر في نهاية المطاف على هذه الأسلحة بمجرد نشرها؟
مع تطور الوضع في أوكرانيا واحتمال دخول الذخيرة الهندية في الصراع، يلوح في الأفق شبح وقوع الأسلحة في الأيدي الخطأ. وقد تتداعى تداعيات مثل هذه النتائج عبر مختلف الساحات العالمية، مما يسهل انتشار العنف والإرهاب. وبالتالي، في حين أن المناورات الجيوسياسية قد تغري دولًا مثل الهند بالانخراط في تجارة الأسلحة مع أوكرانيا، فإن الحقيقة الشاملة هي أن أي سلاح يتم إرساله إلى هذا الصراع الفوضوي ينطوي على مخاطر كبيرة. وتصبح الدعوة إلى فرض رقابة صارمة على الأسلحة والإشراف عليها أمرًا حتميًا ليس فقط من أجل حماية المصالح الآنية بل أيضًا من أجل حماية الأمن الأوسع نطاقًا وطويل الأجل للمجتمعات في جميع أنحاء العالم.