الإستهلاك تحسـّـن بشكل خجول في ظلّ تباطؤ نسبة التضخـّـم الفصلية
إن أرقام الأعمال الإسمية (Nominal) المجمـّـعة لقطاعات تجارة التجزئة ما بين الفصل الثاني من 2022 والفصل الثاني من 2023 تشير الى أن تلك الأرقام قد زادت بنسبة 17.97 % بعد إستثناء قطاع المحروقات، الذى سجـّـل هو الآخر زيادة بلغت 9.35 % من حيث الكميات التى تمّ بيعها خلال هذا الفصل ( للتذكير: إن هذا الإرتفاع يمثل نسبة الإرتفاع في أرقام الأعمال الإسمية بالليرة اللبنانية قبل التثقيل).
إنما بعد عملية تثقيل تلك الأرقام بنسبة مؤشر غلاء المعيشة للفترة المعنية (+ 253.55 %)، يتبيـّـن أن الأرقام الحقيقية قد سجـّـلت بالفعل إنخفاضاً بالمقارنة مع الفصل الثاني للسنة السابقة، ولو بوتيرة أقل من الفصول الماضية، وذلك في كافة قطاعات الأسواق التجارية بإستثناء قطاع الوقود حيث تمّ، كما ذكرنا أعلاه، تسجـيل زيادة في حجم الكميات.
كل ذلك جاء في فترة لم يطرأ فيها أي تطوّر جوهري على أي من الأصعدة في لبنان – لا سياسياً ولا إقتصادياً ولا مالياً ولا نقدياً. جاء ذلك أيضاً في غضون شبه ثبات سعر صرف الدولار في الأسواق والإعلان عن نيـّـة الحكومة برفع قيمة الدولار الجمركي، فسارع الكثيرون لشراء ما هم بحاجة إليه أو يبتغون – لا سيما من سيارات وسلع معمـّـرة أخرى، قبل أن ينفذ المخزون القديم منها المسعـّـر قبل زيادة الدولار الجمركي وقبل أن تطال هذه الزيادة الأسواق.
وفي نفس الفترة، كَثُرت المؤشرات والتوقعات الإيجابية بعد الكلام عن إرتفاع حجم التحويلات وأغلبيتها المطلقة من المغتربين في الخارج الى عائلاتهم وأهلهم في لبنان (تشير آخر الإحصاءات الرسمية الى أن حجم هذه التحويلات كان قد بلغ 6.4 مليار دولار خلال عام 2022، وقد تسجـّـل مزيداً من الإرتفاع خلال العام 2023)، كما زادت أعداد اللبنانيين المقيمين الذين تعاقدوا للقيام بالعمل عبر الإنترنت مع شركات في الخارج والحصول على أجور بالدولار، وتزايدت أيضاً أعداد الشركات الخاصة التى لجأت الى صرف جزء أو كامل رواتب موظفيها بالدولار الأمريكي.
أضف الى ذلك الحديث المتزايد عن مؤشرات وتوقعات إيجابية جداً عن موسم إصطياف زاهر مع قدوم أعداد غفيرة من الزائرين – لا سيما اللبنانيين المغتربين.
فحلّ جو من التفاؤل الحذر في المجتمع التجاري وعمد العديد من التجار من مختلف القطاعات إلى التجهيز والتحضير للموسم المقبل من جيوبهم وإحتياطياتهم . وسط تلك الأجواء التفاؤلية، جاءت نسبة الزيادة في مؤشر التضخـّـم ما بين الفصل الثاني لسنة 2022 والفصل الثاني لسنة 2023 لتسجـّـل مستوى 253.55 % وهي زيادة مساوية تقريباً للنسبة التى كنـّـا قد شاهدناها في الفصل السابق.
إنما نسبة التضخـّـم هذه قد شهدت تباطؤاً ما بين الفصل الأول والفصل الثاني لسنة 2023، حيث بلغت 22.61 %، بعد أن كانت قد سجـّـلت زيادة فصلية بلغت 81.40 % في الفصل السابق، ولربما كان لهذا التباطؤ أثراً إيجابياً على نفوس المواطنين وبالتالي على حركة الأسواق.