شاركت السيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في المؤتمر الدولي الأول حول اقتصاد الرعاية تحت شعار “إقتصاد الرعاية والحماية الاجتماعية: دعامة لتمكين النساء وخلق فرص عمل وتحقيق الرفاه الأسري”، المنعقد على مدار يومين في الرباط، المملكة المغربية، برعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصرالله، وبدعوة من وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة في المملكة المغربية، بالشراكة مع كل من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة الادماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والشغل والكفاءات في المملكة المغربية وبالتعاون مع قطاع الشؤون الاجتماعية في جامعة الدول العربية.
شارك في اللقاء ممثلات وممثلون من مختلف الدول العربية والأفريقية بالإضافة إلى خبراء من هيئات الأمم المتحدة ومنظمات دولية وإقليمية.
وخلال طاولة مستديرة على مستوى وزاري ألقت السيدة عون كلمة لبنان جاء فيها: “إننا نتباحث اليوم ب ” اقتصاد الرعاية”، لأننا بتنا بحاجة إلى مقاربة موضوع الرعاية من وجهة نظر موضوعية علمية، تأخذ بعين الإعتبار المعطيات المتغيرة في الديموغرافيا والإقتصاد. لم يعد يكفي الإعتماد على مقاربة الموضوع من زاوية المسؤولية المعنوية للفرد وللمجتمع، في القيام بالواجب الإنساني تجاه القريب الذي يحتاج إلى المساعدة. وبالإضافة، أظهرت نتائج المبادرات التنموية، أن الإنماء الاقتصادي لا يتم من غير إنماء بشري مواز. فالتعمر السكاني، ومتطلبات مكافحة الفقر بزيادة المدخول المالي، وتراجع نسبة الناشطين اقتصاديا إلى مجمل عدد السكان، هي ظواهر مشتركة في عالم اليوم.”
وتابعت: “لكن في لبنان، بلغت هذه الظواهر مستويات مقلقة، خاصة أن تطورها ترافق مع تفاقم الوضع الاقتصادي- الاجتماعي برمته خلال السنوات الخمس المنصرمة، ومع تداعيات الحرب الجارية في المناطق الحدودية الجنوبية منذ اندلاع حرب غزة قبل ما يقارب تسعة أشهر. لقد بدأنا في لبنان منذ بضعة سنوات، نعير اهتماماً متزايداً إلى موضوع الرعاية بسبب الحاجة المتزايدة إلى قيام مؤسسات تساعد العائلات في توفير الخدمات للأولاد وكبار السن وذوي وذوات الإعاقة. فخلال السنوات الأخيرة، ازدادت الضغوط على الأسر بسبب الأزمة الاقتصادية وتدهور قيمة العملة الوطنية، كما ازدادت الضغوط على الخدمات العامة بسبب تضاعف عدد سكان لبنان خلال العقد المنصرم بفعل النزوح السوري.”
وأضافت: “مواجهة لتردي الأوضاع الاقتصادية، برزت الحاجة إلى زيادة مشاركة النساء في سوق العمل، علما أنه بسبب جائحة كوفيد وارتفاع نسبة البطالة، كانت قد تراجعت هذه النسبة بنحو سبع نقاط مئوية منذ العام 2019، لتهبط إلى معدل 22.2 بالمئة في العام 2022. وقد أبرزت الدراسات، أن السبب الأول الذي يعيق عمل المرأة خارج المنزل، هو ضرورة قيامها برعاية أفراد الأسرة وتدبير شؤون المنزل. أما بالنسبة إلى المتغيرات الديموغرافية، يلاحظ في لبنان أن نسبة المسنين البالغين سن ال 65 وأكثر، تزيد عن 11% من السكان، فيما يسجل انخفاضا في نسبة الولادات، وزيادة في معدل العمر المتوقع للنساء كما للرجال. ومع تزايد هجرة الشباب والشابات، باتت ملحة في لبنان، الحاجة إلى التخطيط لإرساء قواعد يرتكز عليها اقتصاد الرعايةونذكر من أبرز الخطوات التي تم اعتمادها في هذا الصدد: إقرار الحكومة في نهاية العام الماضي لاستراتيجية وطنية للحماية الاجتماعية بهدف اعتماد نظام متكامل لخدمات الحماية الاجتماعية، وإصلاح البرلمان لقانون الضمان الاجتماعي لإحقاق المساواة بين الجنسين في تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وموافقة الحكومة على إبرام اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري العائد لها، واعتماد وزارة الشؤون الاجتماعية لاستراتيجية وطنية لكبار السن لغاية العام 2030، وتنفيذ هذه الوزارة لبرامج مساعدات نقدية للأسر الأكثر فقرا وللأشخاص ذوي الإعاقة من ذكور وإناث.”
وأردفت: “نذكر أيضاً عمل وزارة الصحة العامة على توسيع نطاق تأمين خدمات الصحة الأولية، لتشمل الصحة الإنجابية والصحة النفسية والخدمات للمعنفات، واعتماد وزارة التربية والتعليم العالي لسياسات دامجة لذوي وذوات الإعاقة، وغيرها من برامج ترتبط بقطاع الرعاية. وبالموازاة، تم في لبنان خلال السنوات الأخيرة، إجراء دراسات عديدة شاركت فيها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، لتقييم الوضع القائم بالنسبة إلى خدمات الرعاية المتوفرة لحضانة الأولاد ولكبار السن، صدرت عنها توصيات بشأن متطلبات إرساء قواعد إقامة اقتصاد الرعاية في هذين المجالي. “
وختمت: ” هذا المؤتمر يمثل بالنسبة إلينا، فرصة هامة للإستفادة من التجارب الناجحة ومن الدروس المستخلصة من الممارسات في الدول المشاركة كافة، وأود أن أعبر عن كامل شكري للمملكة المغربية لعقده. كذلك، أود أن أشكر قطاع الشؤون الاجتماعية في جامعة الدول العربية وكافة الهيئات المشاركة في تنظيم هذا المؤتمر، وإننا على ثقة أنه سوف يأتينا جميعا بقدر كبير من الإستفادة.”